مفوضية الانتخابات: هذه الأيام هي أيام الاستعداد للانتخابات، وقد أعجبت بالهيئة القومية للانتخابات وعلى رأسها رجل عملاق وقور في قامتها هو الأستاذ أبيل ألير، ويدير شؤونها القانوني المخضرم والإداري الناجح دكتور جلال الدين محمد، وهي أيام توحي إلينا بالكثير وتفتح أمامنا بوابة الأمل الكبير في مجتمع ديمقراطي فيه يمارس المواطن حقه في اختيار من يمثله رئيساً للجمهورية أو عضواً في المجلس الوطني، وحديثي هنا يصب في مساندة الهيئة القومية للانتخابات ودعوة مفتوحة لكل مواطن لأن يمارس حقه القانوني، ويكون لصوته الحر معنى ومبنى ومكان ومكانة. وأحادثكم اليوم عن الانتخاب في الكتاب، وطبعاً الكتاب بالألف واللام لا يعني سوى الكتاب المقدّس، وهو كما يعطيه القرآن الكريم ألقابه ليس الكتاب فقط إنما الذكر والفرقان والبينات، والنور والهدى، والكتاب المستبين. إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور، وآتيناه الأنجيل فيه هدى ونور، من قبله كتاب موسى إماما ورحمة، ثم آتينا موسى الكتاب تماماً على الذي أحسن، وتفصيلاً لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون. وقد عاشت الكنيسة القبطية تحترم رأي الشعب والشعب نفسه هو الذي ينتخب البابا البطريرك، وينتخب الأسقف كما ينتخب الآباء الكهنة خداماً للكنائس، ولا بد لكل أسقف أن يتجاوب مع رغبة الشعب في اختيار الكاهن الذي يرعاه، وإذا كان لا يرغب في رسامة أحد قدمه الشعب فإن قوانين الكنيسة تلزمه أن يرسم من اختاره الشعب على مسؤولية الشعب. والجمعيات القبطية التي تدير شؤون الكنيسة لا تأتي إلا بانتخاب الشعب من الأقباط لها، وهنا أذكر أول جمعية قبطية في أول القرن العشرين وهو أول تنظيم شعبي قائم على الانتخاب في اجتماع تم يوم السبت 26/3/1904م في قطعة الأرض المخصصة لبناء كنيسة العذراء المطلة على نهر النيل، وبحضور الوفد المرافق لقداسة البابا كيرلس الخامس وبتشجيع منه حيث تبرّع بمبلغ خمسين جنيهاً صارت خميرة طيبة بدأ بها أعظم الأعمال، وقد انتخب إبراهيم بك خليل رئيساً وحبيب أفندي حنين سكرتيراً، وجرانت أفندي عصفور باشكاتب الحاكم العام نائباً للرئيس، والخواجة طانيوس سعد أميناً للصندوق، وكان هذا المجلس يحاسب في اجتماع الجمعية العمومية الذي يعقدمرة كل عامين وفي ضوء هذه المحاسبة ينتخب المجلس الجديد. الانتخاب في الكتاب: ويعرف من يقرأ الكتاب المقدّس الخلفية الكتابية للانتخابات وإليك الأدلة: 1/ اقترح حمو موسى علي موسى أن ينتخب من يعاونه في القضاء على أن يكون المنتخب ذو قدرة خائف الله أميناً مبغضاً للرشوة، هم يقضون للشعب ويحضرون الدعاوى الكبيرة أمام موسى لكي يفصل فيها (خروج 18). 2/ في الأيام الأولى للمسيحية وعندما تكاثر التلاميذ دعا الاثنا عشر جمهوراً من التلاميذ وطالبوهم أن ينتخبوا سبعة رجال مشهود لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة لكي يقوموا على خدمة المؤمنين، فانتخبوا سبعة شمامسة رئيسهم اسطفانوس الذي هو أول شهيد في المسيحية، وكان السبعة شمامسة لهم خدمة عظيمة في كنيسة السيد المسيح. 3/ في أول خدمة الرسل تم انتخاب من يخلف يهوذا الخائن، وكان الشرط أن يكون من الذين كانوا مع يسوع منذ معمودية يوحنا له حتى صعوده الى السماء، وكان الحاضرون عددهم مائة وعشرين أقاموا اثنين منهما هما يوسف ومتياس، ثم القوا القرعة لاختيار واحد منهما لأنهما كانا متساوين في القامة الروحية، ووقعت القرعة على متياس فصار من الاثني عشر بديلاً ليهوذا. 4/ عندما تم أول مجمع كنسي عام 51 م وناقش المجمع عدة قضايا، تم انتخاب رجلين متقدمين في الأخوة هما برسابا وسيلا، وهذان خرجا مع بولس وبرنابا لتبليغ قرارات مجمع أورشليم الى الكنائس الأخرى التي قبلت المسيحية. 5/ تكلم بولس عن الخادم المنتخب من الكنائس رفيقاً لبولس في السفر (كورتثوس الثانية 8: 19). 6/ عندما بشّر بولس وبرنابا في انطاكية، انتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي آمنوا به (أعمال الرسل 14: 23). لقد كان كل مركز قيادي في الكنيسة من زمان وحتى الآن لا يعتلي موقعه إلا بالانتخاب، ولهذا نحن أن نثمّن الانتخاب ونشجع الجميع على التسجيل وممارسة الحق الانتخابي.