توقفت أمام مستشفى آسيا بأم درمان الساعة الثالثة من ظهر السبت بحثاً عن طبيب، قال الرواة والأصدقاء من المجربين إن الاختصاصي المعني هو الأفضل.. توقفت أمام المستشفى بعد أن اكتشفت إغلاق الشارع الواقع شمال المستشفى وهو ذات الشارع المؤدي للعمارة التي يتخذها الاختصاصي الشهير عيادة له!! جمهرة من المواطنين وأفراد من الشرطة تناثروا في المكان.. صاح أحد المواطنين (هوي يازول أعمل حسابك)، التفت يميناً ويساراً إذا بشاب يخرج رأسه من داخل مجرى مغلق عارياً في الجزء الاعلى من الجسد، عيون حمراء يتطاير منها الشرر، وبيده مجموعة حجارة قذف بها نحو رجل الشرطة، الذي لولا براعته في تفادي الحجارة لسقط على الأرض.. رأس آخر خرج من ذات الحفرة وامطروا المارة والسيارات ورجال الشرطة بوابل من الحجارة حتى تهشمت سيارة أحد المواطنين، الشرطة تمارس معهم لعبة الكر والفر.. شاب صغير في سنه ( انتهرني) بطريقة ماشي وين!! قلت له بلهجة غاضبة أريد الحديث مع الضابط، والفرق بين الضابط والشرطي لا يتعدى فرق المقام والمقدار، كلاهما صغار في السن، الضابط بنجمة واحدة تزين كتفيه.. تذكرت شريط الأسى والحزن، كيف فقدت الشرطة أمثال هؤلاء الضباط وهؤلاء الجنود حينما غدر بهم، وسفكت دماؤهم لأنهم يؤدون واجباً وطنياً.. تقاعس عنه البعض ووجهوا بنادقهم لفلذات أكبادنا من منسوبي الشرطة في سوبا، وفي طريق نيالا الضعين، فلماذا يتصدى الناس الأشرار للشرطة بهذه القسوة!! وما يحدث أمامنا يكشف عن تنامي الجريمة داخل المدن، وكيف يقاوم المجرمون الشرطة. عدد كبير جداً من ( الشماسة) الذين يطلق عليهم مشردون طاردتهم الشرطة في موقف الشهداء، بعد بلاغات من المواطنين عن سرقات وتعدي.. لاذ الشماسة بالفرار حتى مجرى الصرف الصحي شرق موقف الشهداء، عدد كبير جداً حشرتهم الشرطة في المجرى، لكنها فشلت في القاء القبض عليهم.. (الشماسة)، داخل المجرى الجاف (يتلفظون) بكلمات جارحة للشرطة.. يتبادلون الخروج عبر الحفر لارسال قذائف من الحجارة باتجاه الشرطة، التي تحتمي من الحجارة بالمباني القريبة وتبتعد عن الحفرة التي تخرج منها الأفاعي.. ساءني والله جداً مظهر الشرطة وهي عاجزة تماماً عن فعل شئ لالقاء القبض على هؤلاء المجرمين، وساء المواطنون أكثر مني مظهر مقاومة الشرطة بصورة علنية من قبل حرامية، يخرجون من باطن الأرض يطاردون الأهالي ويقذفونهم بالحجارة، ثم يعودون لكهوفهم آمنين، لا تطالهم يد القانون، كل ما فعله رجال الشرطة الانتظار أمام المجرى المائي حتى لا يهربون، اتجهت لضابط وحدثته عن فكرة بدائية جداً وتقليدية لإخراج هؤلاء من (الكراكير) والجحور، قلت للضابط عليك باحضار كمية من الشطة وحرقها في مداخل المجرى، سيخرج هؤلاء المجرمين في دقائق قال الضابط.. نعم حدثني بهذه الفكرة بعض المواطنين.. كنت أنتظر أن يقول الضابط سوف نخرجهم (بالبمبان) أو أن يستخدم (البمبان)، لكنه لم يفعل، وبقي منتظراً المجرمين يقذفون الشرطة بالحجارة، والشرطة تقف مكتوفة الأيدي، يا لها من تراجيديا غريبة!!.