من المعلوم لدينا أن أي قرار يصدره أي مسؤول الغرض منه مصلحة المواطن.. ومعلوم لدينا أن ليس كل قرارات المسؤولين يحالفها التوفيق .. ومعلوم لدينا أيضاً أن القرار الخطأ يصبح خصماً على المسؤول، وضرراً على المواطن.. فالمسؤول الذي يتعامل بالحكمة والعقل والمنطق.. المتصالح مع نفسه يتراجع عن قراره، ويبحث عن القرار الأمثل، الذي فيه خير الوطن والمواطن.. وعلى العكس، المسؤول الذي لم يفتح الله عليه بالبصيرة فيحسب أن التراجع عن الخطأ محسوب عليه، ويصوره أمام الناس بما ينتقص من قدره وقدرته ويشكك في أهليته بالمنصب. نقول كل ذلك لنتحدث اليوم عن قرار أصدرته وزارتا الصحة بكل من ولايتي الجزيرة والقضارف، والقاضي بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية، حفاظاً على صحة الحيوان.. ويعرض نفسه للمساءلة كل من يخالف القرار.. وقطعاً هو قرار محل احترام، طالما أن الهدف منه المحافظة على ثروتنا الحيوانية.. ولكن السادة المسؤولين بالوزارتين المعنيتين لم يقدما للناس بديلاً للأكياس.. فظهرت الأكياس الورقية المصنوعة من جوالات الأسمنت، وورق الصحف (الراجع) و(التالف) من المطابع.. ولا نظن أن السادة المسؤولين يجهلون خطورة استعمال هذا النوع من الأكياس، لما تحمله من ذرات أسمنت وأحبار ومواد بترولية.. والغريب ألاَّ أحد من مسؤولي الصحة في الولايتين يتحدث عن ذلك، أو يحاسب التاجر الذي يستخدمها، وإنما تقام حملات التفتيش على المتاجر بحثاً عن أكياس البلاستيك ليقدم مستخدمها للمحاكمة والغرامة.. فبدا القرار وكأنه وسيلة لتحصيل الأموال، لتنتفع بها جهات بعينها. هي رسالة لك أخي وزير الصحة الإتحادي نحملها عن أهلنا في الجزيرة والقضارف من الذين حار دليلهم من حكومة تعمل من أجل صحة الحيوان على حساب صحة الإنسان.. وآخرون يحسبون أن الغاية من القرار إبتكار جديد للجباية ولا علاقة له بالمصلحة العامة. لن نقول أخي السيد الوزير أنه قرار لم يحالفه التوفيق ولكننا نقول ماهو البديل.. ولماذا لم يصدر قراراً آخر يمنع استخدام أكياس الورق، الذي هو أشد خطورة وفتكاً على الإنسان والحيوان على السواء.. وإن كان القرار فيه خير للمواطن لماذا لا يطبق في ولايات السودان قاطبة؟ وما أكثر التي فيها الثروة الحيوانية.. ثم أن منظر المواطنين وهم يحملون أشياءهم من السلع المختلفة على أكياس الورق .. منظر غير حضاري .. ناهيكم عن منظر الورق الذي يسبح في الفضاء قبل أن يطيب له المقام وسط الطرقات، وعلي جدران المباني من منازل وغيرها.. فتزداد صحة البيئة سوءاً على سوء ! أخي وزير الصحة إنه قرار يحتاج إلى مراجعة .. وإن كانت القاعدة عندكم (الوزارة لا تتراجع)، فقدموا لنا البديل، فالحيوان ليس أهم من الإنسان.. وماذا تعني الثروة الحيوانية في بلد يعاني أهله من المرض؟.. ونحن نعلم أنه لن يعجزكم إصدار القرار الذي يحفظ لنا صحتنا، ويحفظ ثروتنا الحيوانية.. أقلها أن يمنع استخدام أكياس البلاستيك والورق على السواء والبحث عن بديل.. قد يكون العودة لطيبة الذكر(القفة).. أو توجيه المصانع بصنع أكياس من (الخيش) بأحجام مختلفة.. وحلول أخرى قد ترونها ولا نراها. لا تتأخر أخي السيد الوزير في إصدار القرار الذي يترقبه أهلنا في أكبر ولايات الولايات بشئ من الصبر الجميل.. تجد منهم الدعوات الصالحات.. فقد عانوا ما عانوا، وتلاعبت بهم الأمراض بعد أن طاب لها المقام في أجسادهم المنهكة.