كثيرة هي البرامج الإذاعية والتلفزيونية ذات الفائدة العظيمة، ولكن لأنها برامج دون (بهارات) ومساحيق تجميل وخصل (تائهة)، لا يتابعها كثير من الناس، فيصبح المتحدثون فيها كمن يؤذنون في مالطا، وتضييع جهود فرق العمل فيها. من هذه البرامج، برنامج (سلامة الغذاء) بإذاعة (اف ام 97)، والذي تعده الزميلتان الإعلاميتان هنادي أحمد الحاج وسمية محمد عثمان، ويقدمه خبير الغذاء الشاعر د. أزهري علي عوض الكريم، هو برنامج من وجهة نظرنا في غاية الأهمية لما يطرحه ويناقشه من مواضيع تتعلق بالصحة وسلامة الغذاء، وهو برنامج يجب أن يستنسخ في قنواتنا الفضائية حتي تعم فائدته، وحتى يرى السادة المسؤولين عن صحتنا وغذائنا إلى حال أي وصلنا، فالكثير من الأمور التي نستسهلها هي تشكل خطراً على الصحة، ففي الأسواق المحلية (مثلاً) نجد الكثير من المواد الغذائية لا تنطبق عليها معايير السلامة، وكثير منها يعرض على (الغبار الطلق)، وبعضها يعرض على الأرض، على مرأى ومسمع السلطات الصحية التي لا يعرف أكثرها غير (الجباية) وتضييق الخناق على الباعة. أما في خارج العاصمة، والولايات تحديداً، فحدث ولا حرج، فثقافة الصحة وسلامة الغذاء غائبة تماماً عن المسئولين والمواطنين سواء، فأصبح لكل ولاية قانونها الصحي، تطبقه على المساكين دون مراعاة لتبعاته، وهي في مجملها قرارات لم تخضع للدراسة، مثل ذلك الذي طبق في ولايتي القضارف والجزيرة، ورفضه مواطنو البحر الأحمر، وهو القرار المتمثل في منع التعامل مع أكياس البلاستيك، لتحل محلها أكياس ورق الأسمنت وتلك التي صنعت من ورق الصحف، ولو كان يعلم من اتخذوا ذلك القرار العجيب المعيب ما تحمله تلك الأكياس البديلة من مخاطر للصحة، لما أصدروا قرارهم، فأوراق أكياس الأسمنت نعلم كلنا ماذا بها، وأوراق الصحف تحمل مواداً كيماوية في أحبارها ومكوناتها، غير أنها العدو الأول لصحة البيئة، لذلك كنا نرى أن يقدم لنا العباقرة الذين أصدروا ذلك القرار، البديل قبل إصدار قرارهم، ولو كان البديل من وجهة نظرهم هو (طيبة الذكر القفة) فقد إنتهي عهدها، وصارت من الحضارات التي سادت ثم بادت، لذلك نرجو من السادة وزراء الصحة في الولايات المعنية أن يلغوا قرارهم فوراً، أو يصدروا قراراً آخر يمنع استخدام أكياس الأسمنت وأكياس ورق الصحف، فربما تجود عقول المواطنين بالبديل الذي أعيا المسؤولين. حقيقة صحة الإنسان في السودان في خطر، والشاهد ظهور الكثير من الأمراض التي لم نكن نعرفها، وكانت عندنا مجرد حكايات من أساطير، لذلك نرجو شاكرين من السيد وزير الصحة الإتحادي بضرورة التدخل لوقف قرار منع أكياس البلاستيك في ولايتي القضارف والجزيرة، إلى حين إيجاد البديل، ونذِّكر سيادته أن ذلك القرار أصبح وكأن الغرض منه جباية المزيد من الأموال، لأن الإهتمام بالغرامات على المخالفين أكبر من الإهتمام بالتثقيف. نرجو من السيد الوزير القيام بجولة صغيرة في مدن وأرياف الولايتين ليرى أكوام الورق المتكدسة في الشوارع والمتطايرة في الفضاء، ويرى المنظر غير الحضاري والمواطنون يحملون أغراضهم في قراطيس الورق، بدءاً من اللحم وحتى السكر.