لا أدري كيف يكون في مقدور الساسة أن يقربوا البعيد ويبعدوا القريب ويجعلونك مصدقاً للحالة وتبدو وعودهم وأحاديثهم تمثل الحالة «أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا».. دعوة الحكومة لكافة القوى السياسية والاجتماعية لتحرير رؤاها وأفكارها لأجل أن تخطط إستراتيجياً للدولة القادمة خاصة للفترة من 2012م - إلى 2016م لتأسيس الكيان الاجتماعي والسياسي للدولة تجيء في ذات المعنى.. فهل حقاً الفرصة متاحة لكل القوى بالعدالة التي تنطوي عليها الوعود، أم أنها عزومة مراكبية والمركب في تقديفها ومرورها وسط البحر.. (أها يا جماعة القيف اتفضلوا على المركب.. المركب مركبكم).. والأصل أن المركبة ماشة وعابرة.. وناس القيف في قيفهم وفي البحر الكثير! كثير من المكاسب في لب البحر ندركها نحن أهل (الحواتة)، ومن فنون الأكلات التي يبتكرها الحواتة (بليلة السمك) والتي «يعزمون» عليها عزومة صادقة، ويحضرني هنا أن اندهاش إحدى الصديقات وأنا أصف لها هذه الأكلة التي يعرفها الكثيرون، فقلت: لها (ما عليك إلا أن تغسلي السمك وتضيفي إليه عيش الذرة غير المطحون، وتضيفي البهارات والبصل والفلفلية والجزر وقرون الشطة وتكبسي الحلة على كده إلى أن تستوي.. أها الجنبك ما حتديهو).. هضمت كلامي من باب التمرير لأنها سلفاً تدرك أنها غير معنية بمثل هذه الأكلة.. فما كان مني إلا أن دعوتها هذه المرة بلا صدق (بالجد عزومة مراكبية). كان بحرنا نعوم! والبحر في مخيلاتنا عالم آخر.. وقطوعات المياه تعيد علينا أياماً قضيناها على ضفاف البحر.. نغسل الملابس وننشرها على الرمال ونحمل بعض الطماطم والكسرة ونتذوق طعماً مختلفاً من المرح ما بين التسابق في (العوم) على أطراف البحر و(التقديف) ورش الماء على الوجوه.. جرى على ذاكرتي هذا الشريط في ذاك النهار الحار والكهرباء تمارس الغياب بسبب (قمرية) تسببت في تلاقي الأسلاك الكهربائية ما بين العمودين، والمياه في حالة انقطاع.. فوددت أن أعود بالزمان إلى الوراء.. إلى (المقيل) في بحر الجريف ولسان حالنا كلمات شاعرنا ابن الجريف (الصادق إلياس) (كان بحرنا نعوم ناس كبار وصغار).. وما أورع أداؤها على إحساس الرائع الراحل (الجابري). التحية لهيئة المياه وهي تجعلنا نجتر هذه الذكريات الجميلة.. وعسى أن نكره (قطوعات المياه).. وكما قالوا.. فيها عودة للوراء الجميل. آخرالكلام: أعزائي القراء جربوا بليلة السمك.. غسيل البحر.. غناء الجابري وكلمات الصادق إلياس.. ولكن بالله عليكم لا تحاولوا أن تجروا (الحارين) لعزومة المراكبية.. دعوهم على (الحاري ولا المتعشي).. مع محبتي للجميع..