لم تكن سهرة منصفة تلك التي استضافت فيها قناة النيل الأزرق ضيوفها من الأساتذة والنقاد والموسيقيين والمطربين حول موضوع تقليد الأبناء للآباء.. وما كنت أرى (عيباً) في ذلك فالتقليد واحد من أسس التطور ونقل الخبرات وتواصل الأجيال.. والفن (تقليد في تقليد) مع إدخال بعض اللمسات والإضافات فمن تقليد ومحاكاة الطبيعة الى تقليد ومحاكاة المُبدعين، ومن تقليد ومحاكاة الوالدين إلى تقليد ومحاكاة المعلمين وغير ذلك من أشكال التقليد.. والتقاليد فيها ما هو طيب ومطلوب وفيها ما هو غير مقبول حسب المعايير التي نقيس عليها الأشياء من عقيدة أو عرف أو تقاليد!! ü وموضوع سهرة النيل الأزرق والذي قدمه الأستاذ سعد الدين حسن كان إخراجه باهتاً مع محاولات المخرج الخروج من المألوف بجعل الضيوف يدخلون الاستديو وهم يتلمسون طريقهم وهناك من يرشدهم لبوابة الدخول.. يعني مافي بروفة.. ثم ينطلق صوت مسجل ليسرد السيرة الذاتية للضيف وكأنه بصدد استلام جائزة أو وسام ثم إن ضيق الاستديو جعل من صور الفرقة الموسيقية صوراً شائهة والكاميرا مهزوزة (غير محمولة على حامل ثابت ومتحرك).. (Tripod).. ومع أن المتحدثين من ضيوف الحلقة وهما الأستاذ الكبير مصطفى أبو العزائم والأستاذ الدكتور ترنيم الا أن المخرج غيّر موضع جلوسهما وأصبحت الكاميرا الأولى تعطينا صورة أستاذ مصطفى من (ظهره).. في إحدى الزيارات التي قام بها الأستاذ عبد الرحمن الأبنودي للخرطوم كان المصور يقف خلفه تماماً وهو يلقي إحدى قصائده.. فالتفت إليه الأبنودي قائلاً (إيه يا أخويا حتاخدني من قفاي ولا إيه؟؟) والعبارة معناها بالسوداني (حتديني كف في رقبتي؟) وهكذا أخذ مصور السهرة أستاذ مصطفى من قفاه!! وكان الأستديو ساخناً وتصبب الجميع عرقاً وعزّت المناديل!!. ü مصطفى أبو العزائم كان أوجز في الكلام وأهدأ في النبرات وأكثر نصحاً وحرصاً على الأستاذ محمد خضر بشير الذي وضع في قفص اتّهام وتناوشته ألسنة مقدم البرنامج وضيوفه خاصة الأستاذ (ترنيم) والذي فيما يبدو ينطلق من خلافات لا أدري كنهها فلم يرحم الشاب المطرب المبدع والذي فيما يبدو أن كل ذنبه هو حرصه على تركة ابيه من الفن وأن لا يدعها نهباً لكل من هب ودبّ والعجيب أن ما عابه البرنامج على محمد خضر بشير تفتح له قناة النيل الأزرق (برنامجاً لا متناهي) اسمه نجوم الغد جميع من يغني فيه من المُقلدين بلا استثناء.. ثم إن أشهر برنامج تلفزيوني على الإطلاق هو (برنامج أغاني وأغاني) وهو برنامج عظيم القدر عالي المشاهدة خفيف الروح إلا أن جميع من يشارك فيه يُقلد ويقلد ولا عيب ولا حرج.. فما الداعي لمحاكمة محمد خضر بشير الأستاذ ابن الأستاذ لأنه يقلد أبيه ومن شابه أباه فما ظلم.. وابن الوز عوام.. وابن الفار حفار وبالضرورة فليس كل ابن فنان فنان.. لكن ابن خضر بشير فنان كبير بلا شك ويرجى منه الكثير وسيخرج من خزائن أسرار والده الكثير المثير.. مع أن فرقته غير جاهزة وغير حافظة وغير متناسقة ولا أدري أي وسواس خنّاس يوحي للمخرجين أن تبدأ اللقطة من الإيقاع (الدربكة).. وهي قديمة ومرقعة.. وما كان للمذيع أن يقول لضيفه (أنت شكّال) فهي مفردة غير مناسبة أبداً. أما كريمة عبد العزيز محمد داؤود فلا ينبغي لها أن تحترف الغناء وإن كان أبوها أبو داؤود. ü واحد من المتشاعرين ذهب إلى الإذاعة وقابل مديرها.. وألقى عليه شعراً.. فقال المدير (أنت نبي يا ابني) فأندهش الشاعر فأكمل المدير بقوله تعالى: (وما علّمناه الشعر وما ينبغي له). وهذا هو المفروض