واليوم نكتب عن قارورة العطر البديع.. عن خميلة الريحان والرياحين والأزهار وأشجار خضراء مثقلة بالثمار.. والهادي آدم يكتب بروحه ومن دم وريده ومن شاهق أحاسيسه.. رائعته «كوخ الأشواق».. تلك الصفحات المترعة شجى وحب وشجن وألحان وطرباً وحرفاً مموسقاً طروباً.. «وكوخ الأشواق» ديوان شعره ذاك المتدفق ألقاً.. المتفجر شهداً وعسلاً.. تشاء أقدار أن يقع بين يدي.. كوكب الشرق الدري موحدة العرب.. وحقل الجمال والمحال أم كلثوم.. تتصفح «ست الطرب» صفحات الديوان.. تصافح عيونها درة وتاج الغناء «أغداً ألقاك» اجتاحت الست رعدة.. وراحت تلتهم كلمات الأغنية في دهشة وحب وإعجاب وفرح.. لم تطق صبراً... اتصلت بمستودع الأنغام والألحان «عبد الوهاب».. تحدثة عبر الهاتف بالبشارة.. بكنز يرقد مشعاً ومضيئاً في قلب «كوخ الأشواق».. في فرح عاصف تقول أم كلثوم لعبد الوهاب.. اسمع يا عبد الوهاب.. ثم تتلو كلمات كالفراشات الملونة.. غداً تأتلق الجنة أنهاراً وظلاً وغداً ننسى فلا نأسى على ماض تولى وغداً نزهو فلا نعرف للغيب محلاً وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا.. ليس إلا.. ليس إلا.. يتوه عبد الوهاب في ذاك الروض المزهر النضيد... لا يجد من الكلمات غير ما هذا؟؟ حروف نعم.. ولكن ما كل هذه المتعة والروعة والعظمة.. وينتقي عبد الوهاب.. للأغنية روائع الألحان.. يكسو هذا الجمال.. بل يغرق هذا الإبداع في بحر من الموسيقى بديع.. ثم تخرج «أغداً ألقاك» إلى الدنيا.. فتحاً في حفل وحدائق الغناء البهيج.. ترفض هذه الأغنية.. النواح والبكاء والنحيب.. ترفض الانكفاء على رمال الهزيمة والحسرة والأسى.. هي أضواء ومصابيح.. أشعلها مضيئة الهادي آدم.. لتنير الدروب الوعرة والمسالك الصعبة أمام قافلة المحبين... فإلى غداً ألقاك لنرتاح سوياً على ضفاف التفاؤل وشواطيء الأنهار التي تلونها... أشعة شمس المستقبل.. أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غدٍ يالشوقي وإحتراقي في إنتظار الموعد آه كم أخشى غدي هذا وأرجوه إقترابا كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا وأهلت فرحة القرب به حين استجابا هكذا أحتمل العمر نعيماً وعذابا مهجة حرى وقلباً مسه الشوق فذابا أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني أغداً تشرق أضواؤك في ليل عيوني آه من فرحة أحلامي ومن خوف ظنوني كم أناديك وفي لحني حنين ودعاء آه رجائي أنا كم عذبني طول الرجاء أنا لو لا أنت لم أحفل بمن راح وجاء أناأحيا لغد آن بأحلام اللقاء فأت أو لا تأتي أو فإفعل بقلبي ما تشاء هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر هذه الدنيا ليال أنت فيها العمر هذه الدنيا عيون أنت فيها البصر هذه الدنيا سماء أنت فيها القمر فإرحم القلب الذي يصبو إليك فغداً تملكه بين يديك وغداً تأتلف الجنة أنهاراً وظلاّ وغداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى وغداً نزهو فلا نعرف للغيب محلا وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا قد يكون الغيب حلواً إنما الحاضر أحلى