نحتاج أحياناً أن ننسى.. وأحياناً يجب أن نتذكر... ولا نتعلل بأن ذاكرتنا (ضربها فايرس أتلفها)... فهناك أشياء تطاردها.. وأخرى تمسك بتلابيب الذاكرة.. أشياء تلقى عليك السلام يوماً... وأخرى تدير لك ظهرها.. أشياء تود لو قتلتها لكنك في كل يوم تستعيدها فترديك قتيلاً...!. ولكي نحيا يجب أن ننسى آلامنا.. خساراتنا وأوجاعنا.. لأن تذكرها.. يصرفنا عن هناءة العيش... ويصيبنا بالكدر وينقص علينا فرحة العافية ولا يجعلنا نقدر النعم... وفي ذلك انصراف عن الهدف الأسمى من استخلافنا في الأرض.. فالكئيب المحبط لا يستطيع الانجاز المتقن.. ولا العبادة المخلصة.. ويظل يرثى لحاله.. ويبكي على مآله.. ويندب حظه، لأن ذاكراته تأبى أن تشفى من الظلال السوداء المعتمة.. ويظل يجتر الألم.. ويستعيد كل ما فقده بحسرة وندم !! النسيان(فرض عين).. لكل ما في تذكره(مهلكة) للإنسان.. ولصعوبته فإنه لا يطرح رداً في موسمه الأول.. يحتاح إلى فصلين أو ثلاثة ليزهر... في البدء يؤلم بوخزاته وأشواكه.. لكن حتماً سيجئ فصل قطافه.. فللنسيان منطق لا علاقة له بطول الفصول!. وعلينا أن نتذكر- بذاكرة سعة مليون قيقا- كل ما فعله الآخرون لأجلنا.. نتذكر الجوانب الجميلة المشرقة والمعروف.. نتذكر أننا محاسبون.. لا محالة... نتذكر الحدود والحقوق.. ويوم الحساب.. ويجب أن نتذكر كيف ضحى الوالدان من أجل أن نبرهما أحياء وأموات.. نتذكر ولا ننسى.. حقوق العباد، فديون الله يتجاوز منها إذا شاء.. لكن حقوق الناس.. صاحبها محبوس عن الرحمة حتى تُؤدى إلى أهلها.. عن عبد الله بن عمرو أن رسول (صلى الله عليه وسلم) قال(القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين). وروى بن قتاده: إن رجلاً قال: يارسول الله أريت إن قُتلت في سبيل الله أيكفر الله عني خطاياي.. فقال له رسول (صلى الله عليه وسلم) نعم إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا، مقبلاً غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل قال لي ذلك)... وقال(صلى الله عليه وسلم) إن الله يدعو صاحب الدين يوم القيامة فيقول يابن آدم فيم أضعت حقوق الآدميين!. إن ليس كل الديون ديون أموال.. فبعضها حقوق معنوية ومظالم دنيوية.. إن اسقطناها في الذاكرة أو تناسيناها فهذا لا يلغيها.. لأن المحاسب بصير والديان لا ينسى.. زاوية أخيرة: يوم الموت سنتذكر لا محالة.. يوم يتذكر الإنسان ما سعى.. وأن سعيه سوف يرى ويجزاه الجزاء الأوفى).. (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد..!.)