اللواء عابدين الطاهر، شرطي محترف، عرفته ساحات الشرطة النبيلة، كأحد أفرادها المخلصين المجتهدين تقلد وظائف عدة آخرها، مديراً للمرور، والرجل وللأمانة بذل ومازال يبذل جهداً مقدراً لتطوير هذا القطاع المهم المرتبط بحياة الناس، لم أدخل مكتبه، لكن أتوقع أن يكون مزيناً بالشعار العالمي المعروف (الشرطة في خدمة الشعب)، تذكرت الرجل هذا الصباح الاربعاء الموافق 13/7/2011م، إذ ساقتني الأقدار أن استغل هذا الصباح المواصلات العامة، بعد أن اعتذر ابننا المهندس (ياسر الحضري) أن يحملني إلى الخرطوم- وتوكلت على الحي القيوم وركبت (هايس)، وبالقرب من مستشفى مكة الطبي بأم درمان كان هناك كمين من شرطة المرور يصطاد العربات- وكان ذلك في تمام الساعة الثامنة، أوقفوا السائق، وأظهر كلٌ أوراقه الثبوتية وطال الانتظار، وذهبت إلى الضابط الذي كان يجلس داخل سيارة المرور... السائقون واقفون والضابط الصغير الذي كان يجلس داخل السيارة صارم القسمات، لا يبتسم لا يضحك بالرغم من الطقس كان يوحي بالتمسك بالحياة، ورغم صغر سنه إلا أن تجاعيد الزمن ظاهرة على جبينه، قلت للضابط نحن نحترم عملكم، ونعرف أن الشرطة في خدمة الشعب، ألا تتفق معي على ان الوقت غير مناسب لمثل هذه الغرامات أو الجبايات، قال لي الضابط متى نتحصل على هذه الغرامات؟ قلت له بعد الساعة العاشرة صباحاً، فهؤلاء الركاب مرتبطون بعمل، أنك في حالة انتاج تؤدي عملك، ونحن نحترم ذلك ولكن لابد أن تحترموا عملنا؟ حتى نصل إلى عملنا في الوقت المحدد، لم يجب الضابط، وقلت له سوف أكتب إلى السيد عابدين الطاهر؟ قال لي بأدب شديد ماذا تقول له؟ قلت له: إن الوقت الذي تجمعون فيه هذه المخالفات غير مناسب؟ هل تخلو الشوارع بعد العاشرة صباحاً من السائقين؟ قال لي أكتب له، أو اتصل به، قلت له أني لا أعرف الرجل، ولكن نحن كصحفيين سوف نرسل رسالتنا عبر صحفنا، والرجل أعرف أنه يهتم بما يكتب عن وحدته باهتمام، ويأخذ قرارات بشأنها، أو رد في نفس الصحيفة على الموضوع المتناول.. رجع السائق وهو يلعن الشرطة والجبايات ودخل ركاب (الهايس) في نقاش كانوا كلهم ضدك ياسعادة اللواء، أو ضد سياسة التحصيل صباحاً، والناس متجهة إلى عملها لأداء واجبها في جو معافى. في نفس اليوم الأربعاء 23/7/2011م وفي شارع الستين، صاحب شاحنة فقد السيطرة على الفرامل واحدث هرجاً ومرجاً، وتصادم سيارات مع بعضها البعض، وتعرض أطفال وهم ذاهبون إلى مدارسهم في ذلك الجو الربيعي، حضر رجال الشرطة وسألت أحدهم إن كان اللواء عابدين من ضمن الحضور، قال كان هنا اللواء آدم، وقد استطاع رجال المرور أن يعيدوا الشارع إلى سيرته الأولى، رغم فداحة الحادث فلهم التحية والتقدير، وكان شعار الشرطة في خدمة الشعب قد نزل إلى أرض الواقع في ذلك الزمان وذلكم المكان... سعادة اللواء عابدين، الرتب الكبيرة نجدها في الشارع وقت الذروة، فماذا تفعل هذه الرتب في المكاتب، وأنت أولهم ياسيادة اللواء، كن بالقرب من جنودك في كل شارع وفي كل لفة، هذا يرفع من روحهم المعنوية، العمل الشرطي عمل ميداني، في قلب الحدث، الرتب الكبيرة لابد أن تكون هناك بالقرب من الرتب الصغيرة التي تحتاج إلى التدريب والتوجيه ورفع معنوياتها، وجودكم في الشارع يعني التحامكم بالشعب وبالمواطن بالتوجيه.. وبالتالي فإن الشعب ياسيادة اللواء عابدين يريدك أن تكون معهم في زحمة المواصلات، حيث يتصبب الناس عرقاً بحثاً عن وسيلة نقلهم إلى أهلهم، فهل استجبت ورجالك إلى نبض الشارع؟ حيث يأتي يوم لا تنفع فيه الصقور والمقصات والدبابير.