محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأستاذ مكي علي بلايل رئيس حزب العدالة والمستشار الأسبق لرئيس الجمهورية من قبل الحركة الشعبية في منطقة الدلنج يوم الخميس الماضي 18 أغسطس 2011م يقع في حيز أحداث العنف والتصفيات السياسية التي تعرض لها الساسة في التاريخ الإنساني على اطلاقه وفي التاريخ السوداني على قلة حوادث التصفيات والاغتيالات؟؟ ولكن ما هي طبيعة الحادث ومن يقف وراء محاولة الاغتيال ولماذا استهدفت الحركة الشعبية في جبال النوبة بعض منسوبي المعارضة قبل منسوبي المؤتمر الوطني؟؟ ولماذا تعتبر الحركة الشعبية مكي بلايل من خصومها وألد أعدائها لتستبيح دماءهم في حملتها التي بدأت بتصفيات داخل مدينة كادقلي؟؟ بلايل والحلو مرارة المواجهة اتخذ مكي علي بلايل لنفسه طريقاً مغايراً لدروب الحكومة وملفاتها وشركاتها منذ مغادرته للقصر الرئاسي وصدور قرار بإعفائه من المنصب الوزاري وتجريده من الثياب الحزبية لتأكل الثورة بعد الرابع من رمضان أهم ثلاثة رجال ناهضوا الترابي في البرلمان وخاضوا معركة الانقسام لمصلحة الرئيس البشير ليجد مكي بلايل وأمين بناني وثالثهم لام أكول في مواجهة مع النفس راحلين عن حزب المؤتمر الوطني وتأسيس حزب العدالة الذي تمزق هو الآخر ليعود أمين بناني ويقطن جوار المؤتمر الوطني وينضم د. لام أكول للحركة الشعبية ويعود في معيتها متقلداً منصب وزير الخارجية بينما اختار مكي بلايل الوقوف في جهة المعارضة ناثراً أدباً سياسياً في الصحافة ونشاطاً في المنابر يميل لتوعية الجماهير أكثر من حشدها تنظيمياً لصف حزبه الصغير وغداة بلوغ مفاوضات السلام مرحلة المخاض لميلاد الاتفاق جمعت الحركة الشعبية لصفها المعارضة في الشمال ونثرت في فضاء السياسة رائحة الاعراق والعنصرية ومدت الأيادي لإبرام تحالفاتها مع كل القوى المناهضة للمؤتمر الوطني الا مكي بلايل رفض وأبي وكان من المناهضين لبعض ادعاءات الحركة الشعبية وحينما أبرم الراحل د. جون قرنق اتفاق (كاودة) لفصائل وقيادات جبال النوبة بما في ذلك بعض منسوبي المؤتمر الوطني وهل قرنق من قيادات جبال النوبة على (تفويض) يجعله مفاوضاً نيابة عن أهل المنطقة أعلن مكي بلايل رفضه لتفويض جون قرنق.. ودعا أبناء جبال النوبة لرفض التفويض معتبراً الحركة الشعبية غير (مؤتمنة) على قضية المنطقة!! وفي ذلك الحين كان د. غازي صلاح الدين هو من يفاوض نيابة عن الحكومة قبل إزاحته وترفيع مستوى التفاوض فعقد د. صلاح الدين مؤتمراً في كادقلي أطلق عليه مؤتمر الأغلبية الصامتة وخاطب مكي بلايل ذلكم الجمع وفي وجه د. غازي صلاح الدين قال عبارات صمتت لها القاعة ورفض مكي بلايل أن ينال غازي صلاح الدين تفويضاً من النوبة ليفاوض نيابة عنهم وقال عبارات شقت صمت الرجال الذين عقدت الدهشة السنتهم «لن نفوض غازي ليفاوض نيابة عنا ولن نمشي على درب الحركة الشعبية التي فوضت قرنق ليفاوض نيابة عن النوبة نحن من نفاوض نيابة عن أهلنا.. قرنق من الجنوب وغازي من الخرطوم فأين أهل المنطقة» خرج مكي بلايل من قصر الراحل محمود حسيب وقالها علناً «أصبحت أيامنا في الحكومة معدودة». وبعد توقيع اتفاقية نيفاشا جهر مكي بلايل (برأيه) واعتبر الاتفاقية وبنودها تقاصرت دون طموحات سكان جبال النوبة.. وأخذ على عاتقه مناهضة أدعاءات الحركة بأن المشورة الشعبية ترقى لحق تقرير المصير وإنها بمثابة تغييش لوعي الجماهير وان المشورة الشعبية ما هي الا استفتاء أو اخذ رأي هل ما تم تنفيذه حول بنود اتفاقية السلام يحقق طموحات أهل المنطقة أم لا؟؟ وتحدث مكي بلايل في ندوات جماهيرية في كل من الدلنج وكادقلي والديبيات والخرطوم وهاجم الحركة الشعبية واعتبرها تسوق الاحلام وتدغدغ مشاعر الناس بالاوهام الشئ الذي جعله في مرمى نيران الحركة الشعبية وهدفاً لإعلامها وكتابها. حرب الحلو والانتخابات حينما بدأت الحملات الانتخابية لمنصب الوالي سعت الحركة الشعبية لمكي بلايل وتعهدت إليه بدعمها المالي مقابل خوض الانتخابات لخصم أصوات من نصيب مرشح المؤتمر الوطني أحمد هارون وقدمت إليه إغراءات ليقف بصفها كبقية الأحزاب الا أن مكي بلايل فاجأ الجميع وانسحب من السباق نحو منصب الوالي لأسباب مالية تجعل حزبه غير قادر على تحمل نفقات الانتخابات وتكاليفها الباهظة واعتبرت الحركة انسحاب مكي بلايل وترشيح تلفون كوكو بمثابة طعن في كبدها ومساندة صريحة لمرشح المؤتمر الوطني فقدمت الحركة الشعبية في حملتها (فواصل) من السباب و(الشتائم) لمكي بلايل واعتبرته من الخائنين الذين يجب محاسبتهم وان طال الزمن.. وبعد إعلان الحلو تمرده الجديد وخوض معركته العسكرية أصدر مكي بلايل بيانات وبلاغات مناوئة للحرب وأدان بوضوح سلوك الحركة الشعبية وحملها مسؤولية الحرب في جنوب كردفان وقال ان الحركة الشعبية خسرت الانتخابات وخرجت على قواعد اللعبة الديمقراطية بالتمرد العسكري.. وغداة تنفيذها لانقلابها في الخامس من يونيو 2011م بكادقلي استهدفت الحركة الشعبية بعض رموز وقيادت الحزب من خارج المؤتمر الوطني وهاجمت منزل القيادي في حزب الأمة حدان علي البولاد وهاجمت منزل القيادي في المؤتمر الشعبي الزبير كرشوم ضمن حملات التصفية التي قادتها ضد رموز المجتمع وتصدرت قائمة المطلوب تصفيتهم الاستاذ مكي علي بلايل رئيس حزب العدالة وتعرضت قرية الصبي مسقط رأس القيادي مكي بلايل لهجوم من قبل عناصر الحركة الشعبية وتم اغتيال وتصفية خطيب مسجد القرية وهو يمت بصلة القرابة والمصاهرة بمكي بلايل وكذلك تمت تصفية ثلاثة من قيادات المنطقة ممن ينتمون لحزب المؤتمر الوطني.. ورحلة مكي الأخيرة لقريته الصبي جاءت في أعقاب هجمات الحركة الشعبية على المنطقة ومحاولة اخضاعها بقوة السلاح وإرادة القهر والحركة الشعبية في سجلاتها ملفات سوداء وهي تغتال الرموز الاسلامية والوطنية من أبناء النوبة فقد ارتكبت الحركة الشعبية منذ ميلادها في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي جرائم في حق الإنسانية بدءاً من أحداث قردود أم ردمي الذي مارست فيه الحركة الشعبية تصفيات عرقية وقتل للأبرياء بسبب الانتماء العرقي أو الأثني أو الديني وكان أئمة المساجد وحفظة القرآن الكريم في أولويات التصفيات الجسدية وتم انتفاء رموز القبائل النوبية بعناية وقد تعرض منزل الأمير كافي طيارة اليدين لهجمات عديدة من قبل منسوبي الجيش الشعبي حتى في حقبة الشراكة وصدرت توجيهات من قيادة الحركة بتصفية كافي وفي أول يوم لانقلاب الحركة الشعبية على اتفاقية السلام كان مرشح المؤتمر الوطني وأحد قيادات قبيلة النوبة من المجاهدين الصادقين الشهيد كبي الغزال أول من سقط أمام منزله برصاص الحركة الشعبية وأصيب رئيس المجلس التشريعي محمد إبراهيم بلندية في اليوم الأول لانقلاب الحلو.. ثمن الموقف يدفع مكي بلايل الآن ثمن مواقفه الرافضة للحرب ومبدئيته في مناهضة التمرد متجاوزاً كل الذي بينه والمؤتمر الوطني من خلافات وشقاقات أدت لعزله من السلطة وأرغامه على مغادرة الحزب وحينما تعرض المؤتمر الوطني لمحنة الحرب في جبال النوبة انتصر مكي بلايل لاخلاقه وقيمه وسلوكه كمثقف وسياسي على قدر من المبدئية وكان سهلاً لبلايل اختيار السير في ظل الحائط وأدانة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والمطالبة بالسلام واستغلال الواقع الراهن حيث تواجه الحكومة وحزبها الحاكم بوادر معركة جديدة مع المجتمع الدولي واستغلال الفرص وتصفية الحسابات القديمة مع المؤتمر الوطني ولكن بلايل رفض ذلك وأدان الحركة الشعبية وسلوكها وتعرض لاستهداف في حياته الشخصية بينما المعارضون الآخرون يطوفون دول العالم بدولارات الأممالمتحدة ويوقعون الاتفاقيات السرية والعلنية مع المعارضين في جنح الظلام وتحت ستار وغير ستار لاسقاط النظام الذي (قتر) علي بلايل في رزقه وجعله يستغل المواصلات العامة في التواصل مع أهله ولايأبه لروح بلايل التي يمكن أن يفقدها في الصبي أو تهاجمه فلول الحركة حتى في منزله بأمبدة بينما أصغر موظفي المؤتمر الوطني يمتطون السيارات الفارهة ويقوم علي حراسة منازلهم رجال أشداء غلاظ فهل الرموز السياسية والقادة الحزبين من المعارضة مسؤولين عن حماية أنفسهم أم الدولة هي من تسأل عن حمايتهم؟؟ ومن المسؤول عن حماية مكي بلايل بعد نجاته من محاولة الاغتيال التي دبرتها الحركة الشعبية.