أود أولاً أن أعبر لك عن اعجابي بشمس المشارق، اللغة المتميزة، والبلاغة الرائعة، والأسلوب الأدبي الذي يعبر بالقاريء حدائق وبساتين، وأحياناً فضاءات تمتليء بالنجوم والأنوار، وهذا جعل «شمس المشارق» عموداً متميزاً وجذبني، لأكون من المداومين لمطالعته مع قهوة كل صباح. وكم من مرة روادني الإحساس بالكتابة لكم لمجرد التعبير عن اعجابي بهذا الأسلوب، الذي يزيد الصحافة جمالاً والقاً.. ولكن يبدو أن السياسة فقط هي التي تحرك أقلامنا بسرعة.. لتكون هذه المناسبة غير السعيدة أن أكتب لك رداً على مقالك رقم «2» بخصوص الحزب الاتحادي الديمقراطي وتوضيحاً للحقائق وإزالة للدهشة التي تملكتك، والعجب الذي اعتراك وأنت تشهد معنا الجلسة الإفتتاحية لاجتماع اللجنة المركزية. إن اجتماع اللجنة المركزية الذي شهدته يا أستاذ مؤمن هو اجتماع لاكبر مؤسسة بالحزب وليس هو اجتماع جماعة من الحزب، ولا يكون لك أن تساوي بين مؤسسة وبين عدد من الأفراد خارجين عن المؤسسة لا يتجاوز عددهم الستة أفراد.. ولك أن تعلم بذلك حتى تقيم الوزن بالقسط ولا تخسر الميزان. ورئيس الجمهورية عندما شرف هذا الاجتماع كرئيس لحزب المؤتمر الوطني لم تكن هذه أول مرة، فالرئيس شرف من قبل مؤتمر الحزب بالساحة الخضراء بحضور الراحل الشريف زين العابدين الهندي. ولم يقل مراقب في ذلك الوقت، إن الرئيس نصر جناح الشريف زين العابدين الهندي على الميرغني، وقد حضر الرئيس أيضاً مؤتمرات لأحزاب أخرى يوجد أيضاً بها خلاف، هذا عُرف طبيعي بالساحة السياسية وليس بجديد، أضف إلى ذلك أن المعلومات التي توافرت للرئيس طبعاً ليست هي التي تتوافر لمؤمن الغالي صاحب «شمس المشارق»، ومؤكد أن الرئيس يعلم جيداً أين يضع قدمه قبل أن يضعها، ومؤكداً أنه استند إلى معلومات واضحة عرف منها أين المؤسسات في الحزب من الصراع، وهل هو انشقاق بين جماعة وجماعة مساوية لها في المقدار «العضوية والجماهير» وفي القوة «المشروع الوطني والانحياز لقضايا الوطن». أم هو خروج أفراد لا يتعدى عددهم أصابع اليدين حسمتهم المؤسسات عبر لجنة الانضباط والمحاسبة- حسب دستور الحزب ولوائحه- في ديمقراطية راقية أشاد بها الرئيس في حديثه.. هذه المعلومات التي من المؤكد أن الرئيس ارتكز عليها جيداً قبل أن يقبل دعوة الاتحاديين ينبغي أن تبحث عنها يا أخي مؤمن ليتك تؤمن وتزول عنك الدهشة، وحينها يكون عمودك المقروء اعتمد على الحقائق والأرقام وعلى الموضوعية والحياد.. في الحكم على الأشياء. ثم أن الرئيس البشير يربطه مع الراحل الشريف زين العابدين الهندي عهد وميثاق.. وهذا العهد والميثاق كان مع الحزب وليس فقط الأشخاص فالسؤال المهم الآن هل الحزب الذي أمينه العام د. جلال يوسف الدقير بمؤسساته المعروفة هو الآن يسير في نفس الطريق الذي اختطه الراحل الشريف زين العابدين الهندي؟ وهو يؤدي دوراً واضحاً في الساحة السياسية أم لا؟ وهذا ما نؤكده يا أخي مؤمن. إن الحزب لعب دوراً تاريخياً عبر المبادرة المعروفة وظل يساهم في قضايا الوطن منذ ذلك الوقت وحتى الآن، ولا تندهش من حديث الأمين العام «الدقير» عن «الترلة» فهو رد حاسم، وفي وقت مهم لكثيرين من الذين ارادوا تشويه صورة الحزب ووصفوه بالانقياد والتبعية، وعلى رأسهم من ترى أنهم جماعة وهم أفراد حاولوا أن يكسبوا معركتهم بأداة فاشلة، وهي وصف المؤسسات وقيادات الحزب بالتبعية لحزب المؤتمر الوطني. كانت كلمات الدقير بخصوص «الترلة» فيها نفي وإزالة للغبش، ورد بليغ على الذين يحاولون مسخ الحقائق وطمسها فنحن يا استاذ مؤمن نعرف من نحن، وماذانريد، وكيف نصل إلى ما نريد، من وطن موحد وحزب قوي المؤسسات فاعل الأداء. وقد مررنا بهذه التجربة من قبل، حينما أطلق علينا الترابي «احزاب التوالي» ولكنا لم نواليهم ولن ولا ينبغي لنا إن هو إلا طريق مشيناه وصولاً للديمقراطية.. ولم يؤثر فينا في ذلك الوقت ما يطلقه علينا الترابي، وعندما كنا نقول في منابرنا أننا «لا نوالي إلا الوطن» لم نكن نغوص بالآخرين في مراجع اللغة ومصطلحات الإسلام السياسي لنبرر كلمة التوالي.. لينتهي الطريق بخروج الترابي أولاً من دائرة التوالي التي رسمها بالبرجل، الذي أخذناه منه لنرسم دائرة أخرى أكثر اتساعاً للوطن وللأحزاب الوطنية، وكان الرئيس البشير بمثابة مركز هذه الدائرة التي تدور حولها الأفلاك الباحثة عن ضوء الديمقراطية وروح الوطن.. ومن ذلك الوقت كنا وما زلنا نبحث عن الإسلاميين الوطنيين الذين يشكلون تحالفاً مع قوى الوسط والقوى السياسية الحية الأخرى لاحداث الجبهة الداخلية الموحدة. نستند في هذه المسيرة إلى إرث فكري عريق متجدد يستند إلى فلسفة الوسط، لا يميل يميناً ولا يساراً، يكاد فكره يضيء السودان والعالم، ولو لم يمسسه نار، صبر على صبر وتضحيات على تضحيات ونور ونار في طريق الوطن. إشراقة سيد محمود مساعد الأمين العام للتنظيم