تهنئ «آخر لحظة» الشعب الليبي الشقيق على نجاح ثورته التي انطلقت منذ السابع عشر من فبراير الماضي ضد الظلم والقهر والكبت ومصادرة الحريات والفساد السياسي الذي ألقى بظلاله على كل المشهد في ليبيا الشقيقة. انطلاقة الثورة الشعبية رغم القهر والتخويف والتهديد والقتل كانت مؤشراً مهماً إلى أن إرادة الشعوب لا تقهر مهما كانت المثبطات ومهما كانت المنغصات والعوائق، لذلك وجدت هذه الثورة الشعبية اهتماماً لدى كل الشارع العربي والأفريقي وفي كل العالم الحر بحسبان أنها ثورة ضد حكم الفرد الذي لا يعترف إلا بنفسه ولا يرى إلا ذاته ولا يحاور إلا عقله. نجاح الثورة الشعبية الليبية كان حتمياً لكل صاحب بصر وبصيرة ولكل صاحب رؤية ثاقبة، لذلك ومنذ انطلاقة شرارة الثورة في مدينة بنغازي الباسلة في السابع عشر من فبراير الماضي، وجدنا أنفسنا في «آخر لحظة» مثلنا مثل الملايين في السودان ننحاز لها، لأن بلادنا تأذت كثيراً من الجوار الليبي إبان حكم العقيد القذافي، الذي كان يحشر أنفه ويمد يده في كل شأن سوداني، وتسبب في نشوء حركات التمرد وقدم لها الدعم الكامل تمويلاً وتسليحاً لتكون أدوات في يده ينفذ بها رغباته المجنونة ويحقق من خلالها أحلامه المستحيلة. انقسمت بلادنا وانشطرت بسبب سياسات القذافي ورعونته وجهله المركب، واشتعلت النيران في رمال دارفور بسبب تدخلاته التي ما أن تتم في أرض ما إلا واشتعل فيها الحريق. ولم يقف الأمر عند حدود بلادنا بل إمتد الى مصر وتشاد وكل دول الجوار الليبي، وإمتد أذى العقيد القذافي إلى درجة الغدر بالضيف عندما قام بإغتيال الإمام موسى الصدر، كما إمتد أذاه إلى كل دول العالم بحراً وجواًَ وبراً. حسناً فعلت الحكومة السودانية بأن سارعت بتهنئة الشعب الليبي على نجاح ثورته الباهرة، وحسناً فعلت بإعلانها الوقوف مع القيادة الثورية، وفي هذا إعتراف ضمني بالمجلس الانتقالي، ونحن نعلم أن موقف الحكومة السودانية كان مع الثورة الليبية منذ بدايتها إلا أن حسابات السياسة ووجود أكثر من سبعمائة ألف مواطن سوداني في الأراضي الليبية جعل الحكومة لا تفصح عن موقف مؤيد ومباشر للثوار، وإلا لكان العقيد القذافي قد ألحق الأذى بمواطنينا هناك. نجدد تهنئتنا للشعب الليبي الشقيق الذي عانى الأمرين في فترة حكم العقيد معمر القذافي، لكن لا القذافي ولا غيره من الأبالسة والطغاة يمكن أن يبقى ضد إرادة شعبه مهما طالت سنوات حكمه وإن حاول أن يتمثل بشراً سوياً. والله أكبر.. الله أكبر.. وما النصر إلا من عند الله.