{ فاجأنا الشعب الليبي الشقيق مرَّتين: الأولى: بتفجير الثورة الشعبية ضد نظام العقيد القذافي، وقد ظن كثيرون أن العقيد بنظامه الدموي، قد نجح في تدجين وترويض الشعب الشقيق خلال أربعة عقود ونيف، مارس خلالها أبشع أنواع الظلم والاضطهاد. الثانية: صمود هذا الشعب الأسطوري أمام آلة الحرب الجهنمية، فلم ترهبهم الطائرات ولا الدبابات، وقد سكنت فيهم روح شيخ الشهداء، عمر المختار: «نحن قوم لا نستسلم، فإما أن ننتصر، وإما أن نموت» واستمروا في ثورتهم الشعبية المباركة، رغم سقوط مئات الشهداء والجرحى، وهم يزحفون بصدورهم العارية لإعلاء راية الحرية، وتحرير الأرض الليبية من قبضة القمع والدكتاتورية. { الملاحظة الأهم، أن الأشقاء الليبيين لم تنطل عليهم أكاذيب وترهات العقيد، فلقد عرفوه جيداً، وتجرعوا المر من أفعاله، وجربوا أساليبه القائمة على التفريق بين أبناء الشعب الواحد، وبين قبائله، فانحازوا جميعاً إلى الثورة المباركة، بمن فيهم أغلب أبناء قبيلته الذين تبرؤوا من القاتل، الذي لم يتورع عن سب وشتم أبناء شعبه «جرذان، مقملين»، وإعطاء الأوامر لقواته بإطلاق النيران على النساء والأطفال والشيوخ، إرضاء لعظمته الزائفة، ونرجسيته القاتلة، وأوهامه المريضة: «سنحرِّرها من الصحراء إلى الصحراء.. مدينةً مدينةً، قرية قرية، شارعاً شارعاً، زنقة زنقة»، رافضاً وبكل رعونة، الانصياع لإرادة شعبه الحرة. { ونسأل: لو كان هذا العقيد صادقاً في ما يقول، بأنه ليس رئيساً، بل هو قائد ثورة، يرضى بحكم الشعب، فلماذا لا يستقيل.. وقد قال الشعب كلمته الحرة، بأعلى صوته «الشعب يريد اسقاط النظام»؟ وهل من يحب شعبه، يأمر بإطلاق النيران على المتظاهرين، لأنهم يريدون التعبير عن آرائهم؟ ويستأجر المرتزقة من أوروبا الشرقية وأفريقيا، لذبح هذا الشعب المسالم، وقهر إرادته، وتحويله إلى مجرد قطعان سائبة، تأتمر بأمر الجزار؟ { نقف احتراماً وإجلالاً لشهداء الشعب الليبي الشقيق، الذين أثبتوا بدمائهم الطاهرة، أنهم أحفاد عمر المختار. وننحني إجلالاً لهذا الشعب، وهو يتصدى لجنون العقيد وزبانيته، ويرفض التفريط في حقه في الكرامة والحرية، ويصر على الاستمرار في ثورته الشعبية السلمية، مهما كلفه ذلك من دماء طاهرة، ليعود حراً سيداً في أرض عمر المختار. { نقف احتراماً لهذا الشعب العظيم الذي يرفض التدخل الأجنبي، ويصر على التصدي بمفرده، للطاغوت وآلته العسكرية المجرمة. { باختصار.. بوركت يا ثورة الشعب الليبي الشقيق، وبوركت إرادته الصلبة التي لم تفلها جرائم العقيد، ولا مرتزقته، وبوركت قياداته الواعية وهي ترفض التدخل الأجنبي، وتصر بصدور أبنائها العارية على ولادة ليبيا الجديدة. { المجد للشهداء، ولروح عمر المختار، التي تسكن هذا الشعب العظيم. رشيد حسن