إن الناس بلا شك هم سواسية كأسنان المشط في كل ما هو يُعد من حقوق للمواطنة، من تنمية متوازنة تتمثل في تعليم أو صحة أو غير ذلك من احتياجات، فلا فرق البتة بين من هو مسلم أو غير مسلم طالما أن الجميع مواطنون، فلا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود في أمور الدنيا واحتياجات الناس، وإنما التفاضل يكون هناك عند من خلق العباد جميعاً أسودهم وأبيضهم بما تمايزوا به من أعمال صالحة، ودائماً ما أقول مقرباً الفهم في ذلك حيث يختلط الأمر على الكثير، أقول موضحاً إن هذه الشمس لا تشرق فقط على من هم مسلمين وإنما ينال النصيب منها كاملاً وبالتساوي حتى من هم في عداد من لا يؤمن بالله وهو خالقها، وذلك الهواء الذي تتوقف عليه الحياة يمكِّن الله منه المسلم وغيرالمسلم، بل يوفره له وهو على سريره نائم،وقد ورد في الحديث «الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار» وقس على ذلك كل ما ذكرناه سابقاً وغيره مما يحتاج إليه الإنسان في حياته من ضروريات. فالناس في الوطن الواحد ينبغي أن يكونوا متساويين في كل الحقوق ولهم الحق في أن يطالبوا بذلك بكل ما هو مشروع من وسائل للتعبير ويصروا على ذلك. ولا يجوز أبداً أن يكون هناك تميز أو تفرقه بسبب دين أو عرق أو أي انتماء، ولنا أسوة حسنة في ذلك عند غير المسلمين حيث تجدهم يحرصون كل الحرص على أن ينال المواطن حقه كاملاً، فلا تجد أحداً أبداً يشعر بظلم أو ضيم بسبب انتماء لحزب أو عرق أو لون أو دين هذا في حين أننا نعاني من فقدان ذلك كثيراً، فما أن تولى حزب الحكم في البلاد إلا أن قدم عضويته وميزها على الآخرين، وربما كان ذلك حتى في أهم حقوق المواطنة، الأمر الذي يجعل ما نعيشه من طريقة لتفكير خاطئ للتعبير عن حقوقنا هو نتيجة لذلك، فلا يصح أن تدفع الحكومات المتحزبة المتعصبة مواطنيها لاتخاذ العنف وسيلة لإيجاد الحقوق.. صحيح هو أمر غير مبرر تماماً، ولكنه بلا شك نتيجة لذلك الظلم والضيم ونحن نتفق مع من يقول بأن السلاح ليس من وسيلة تتخذ لإعادة ما فقد من حقوق للمواطنة، فهناك العديد من الوسائل المشروعة التي يمكن أن يغير بها. وهذا أمر متفق على رفضه وإنكاره من الكافة، فلم تقبله بريطانيا من الجيش الايرلندي كما لم تقبله باكستان من «طالبان باكستان» ورفضته أسبانيا من متمردي الباسك، وذلك لأنه أمر غير قانوني. فالسلاح هو لحماية الأوطان والدفاع عنها ولمقاومة المحتل، ومن البديهي أيضاً عدم معقولية الجمع بين التمرد المسلح والمطالبة بحق العمل السياسي من خلال حزب سياسي مسجل وفق قانون تسجيل التنظيمات السياسية والأحزاب الذي يمنع من ممارسات كثيرة من ضمنها حيازة السلاح، وربما كان استخدام العنف والسلاح أيضاً طريقاً غير مجد للتعبير أو الإصلاح حتى لأهل الثورات المباركة من الشرفاء والأحرار الذين لا تشوبهم أي شائبة من العمالة او الاتصال بالخارج والذين لا طريق لهم لتخليص البلاد إلا عبر ثوراتهم تلك، فأمرهم لا يقتصر على حقوق خاصة لأفراد أو جماعات من حقوق المواطنة وإنما همهم هو إنقاذ البلاد مما هي فيه من وهن وضياع فربما كان استخدام السلاح رغم هذه المرامي السامية ضاراً أو غير مجد لماله من نتايج سالبة أحياناً، وبلا شك أنه وفي كثير من الأحايين تجده يطيل أمر النضال، وكفانا شواهد على ذلك ما حققته الثورة التونسية ودون أن تحتاج إليه ومن بعدهم متأسياً بهم شباب الثورة المصرية، فقد حققوا ما يريدون وبدون سلاح وفي زمن قياسي وجيز، مما يؤكد أن هناك من الوسائل المشروعة من غير السلاح ماهو أعظم وأقوى بكثير، وفي المقابل نجد عكس ذلك تماماً عندما اضطر ثوار ليبيا لاستخدامه في نضالهم كيف طال أمر النضال وعسى أن يكون الفجر قريباً هناك أيضاً. فإذا كانت تلك الثقافة «ثقافة استخدام السلاح» حتى عند أهل النضال المتفق عليه ولتخليص البلاد من براثن الظلم والاستبداد، ربما كانت غير مجدية، فمن باب أولى عند من يستخدمها فقط ليعيد بعضاً من حقوقه. إذاً هي ثقافة إضافة إلى أنها غير مجدية وضارة في غالب الأحيان، فهي أيضاً غير قانونية ولا سيما إذا كان صاحبها هو أحد الذين يديرون البلاد من الدستوريين والياً كان أو وزيراً أو معتمداً فلم يبق إلا اللجؤ إلى استخدام ما شرع من وسائل للتعبير مهما كلف ذلك. د. يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الإسلامي