الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في أزمة وطن مزمنة..قضية- السودان....إلى أين المصير ؟ (27)
تداعيات الإنفصال.. (7) .. الشماليون في الحركة
نشر في الرأي العام يوم 27 - 03 - 2010

تناولنا في المقالات الفائتة ثلاثة عشر تداعياً محتملاً للإنفصال. التداعي الرابع عشر بوجه عام، يتعلق بمستقبل الحركة الشعبية على الصعيد الوطني، كما يتناول، بوجه خاص، وضع «الشماليين» في الحركة الشعبية بمن في ذلك الذين نذروا حياتهم من المحاربين في جبال النوبة والنيل الأزرق وأجزاء أخرى من السودان، وسالت دماؤهم كيما يتمتع جميع السودانيين، بمن فيهم أهل الجنوب، بثمرات السلام. هذا سؤال يجيش في بال طائفتين من الناس، وبدرجات متفاوتة من القلق أو الإهتمام. الطائفة الاولى هي المنتسبون للحركة، أو الحادبون عليها. في خواطر هؤلاء تجوس مخاوف حول مآلات حركة وهب بعضهم العمر لها ، وراهن آخرون على دورها في إنقاذ البلاد. أما الطائفة الثانية فهي من الذين لا يذكرون الحركة بخير، ناهيك عن أن يشفقوا عليها أو على «شمالييها». غاية هؤلاء هي الشمات على من أسموهم «شماليي الحركة» لما سيلحق بهم من مكروه أو يصيبهم من بلوى لو إنفصل الجنوب. وبدءاً نقول أنه لو كان الإنفصال مكروهاً - كما هو مكروه بحق في نظر دعاة السودان الجديد - فإن كراهيته تعود لأنه سيقصم ظهر السودان، وليس بحسبانه بلية تُصيب «شماليي الحركة» ويصبحوا بسببها طوع الشوامت. لقد أثبتت تجارب الحرب السودانية أنه رغم كل مرارات القتال لم يتحول النزاع بين الشماليين والجنوبيين، على مستوى عامة الناس، إلى صراع عرقي كصراع الهندوس والمسلمين عقب إنفصال الهند عن الباكستان، أو كصراع التوتسي والهوتو في رواندا. فلماذا، إذن، يسعى البعض لإذكاء التحارض والإفساد بين قوم وقوم حتى يُلحقوا بأهليهم عذاباً بئيساً. وأي نافعة سيجني السودان من ذلك، حتى وإن كان أدنى ردود الفعل الجنوبي هو الانفصال الغاضب؟ كان أخلق بهؤلاء أن يتفكروا في نتائج قاصمة الظهر هذه لبلد ظلت تتعضله الأدواء منذ استقلاله. وكان أحرى بهم أن يتمعنوا في الأثر الذي تركته الحركة، بل تركه قائدها المؤسس في عقول وقلوب الشماليين من الجنينة إلى همشكوريب، ومن حلفا إلى كاودا. وفيما بين هذه وتلك، في الخرطوم التي خرجت بملايينها لتستقبله عندما وفد إليها للمرة الأولى. تداعى الشماليين للإنضمام إلى حزب ذي منبت جنوبي، وإلتفاف بعض نخبه حول زعيم سياسي جنوبي ظاهرة، لم تألفها السياسة السودانية. تلك الظاهرة أمضَّت جماعة الشامتين مضيض الجرح للمجروح، فما هي دواعي تلك المضاضة ؟ نقدر أولاً، أن للغيرة السياسية دوراً كبيراً في هذا. ثانياً أن بعضاً من هؤلاء احتسب أن تأييد الشماليين للحركة الشعبية، ناهيك عن الإنتساب لها، قد أضفى على تلك الحركة مشروعية قومية، وهذا مكروه في عرفهم، إن لم يكن حراماً. ما يحل للحركة في نظر هؤلاء هو أن تبقى جنوبية تتعامل معها المؤسسة السياسية كما ظلت تتعامل مع أهل الجنوب في الماضي باعتبارهم، كما قال الراحل قرنق: «نويعاً بشرياً إقليمياً متحجراً»(Fossilized regional subspecie). ذاك الظن كذبته عملية الإنتخابات الراهنة، فالحركة الشعبية تخوض اليوم معركتها الإنتخابية في كل ولايات السودان شماله وجنوبه، أي في خمس وعشرين ولاية إلى جانب منطقة أبيي. تخوض الحركة أيضاً تلك المعركة في كل الدوائر على تعددها وتنوعها: القومية، الولائية، الجغرافية، وقوائم التمثيل النسبي بمرشحين من أهل المناطق الأصليين أو أولئك الذين نزحوا إليها واستقروا فيها. في ذات الوقت لم يُقدم أي حزب سياسي شمالي المنبت على الترشح في الجنوب باستثناء المؤتمر الوطني. لهذا فمن المكابرة أن ينكر أحد الهوية القومية للحركة الشعبية، كما من المحزن أن تستنكف الأحزاب الشمالية عن إقتحام أي من الدوائر الجنوبية، على الأقل لتوكيد حرصها على وحدة شقي القطر، إن لم يكن لتأكيد هويتها القومية. في مناقب القائد وعلى أي، فإن إقبالنا على موضوع الهوية القومية للحركة الشعبية نذهب به إلى ما هو أبعد من سطح الإمور حتى لا نترك القصد ونأخذ بجوانبه . الذين يأخذون بجوانب الأمور لا يدركون أن العقدين الماضيين من الزمان قد أحدثا تحولاً كبيراً في الرؤى والإنتماءات والجغرافيا والسياسة. هذا التحول قد يقود إلى بروز قرانقة كثر في مناطق عديدة من السودان إن لم ينته الهذر السخيف الذي يميز بين السودانيين ، بين «أولاد المصارين البُيُض وأولاد المصارين الزُرُق»، بين «أولاد البلد» وربما «أولاد الأيه». إن لم نفعل ذلك، فسيظل السودان يختبط في الفتن ولا تطيب له ريح حتى إذا إنفصل الجنوب. لهذا، يفيد أن نتلمس الأسباب الحقيقية التي دفعت الجموع الغفيرة من أهل الشمال الجغرافي، وغير قليل من خيرة مثقفيه، للوقوف تحت رايات الحركة ، أو الإحتماء بظلها. أهم هذه الأسباب هي: (أ) رؤية الحركة ونظرتها المستقبلية للسودان. تلك الرؤية كانت تهدف إلى حل مشاكل السودان المتشعبة، وليس فقط حل «مشكلة الجنوب»، باعتبار مشكلة الجنوب حبكة ثانوية subplot) ) في رواية مأساوية. هذا النمط من التحليل قلب المناضد فوق رؤوس كثيرين، ومازال بعض من هؤلاء يتلوى تحت المناضد. خير دليل على ذلك هو عجزهم عن مجابهة الرأي بالرأي ولذا آثروا التهاتر الذي ما فتئ ينهمر من صفحات بعض الصحف كمطر نَجِس. وبقدر ما أسعدني كثيراً الإطلاع على تقرير لجنة الإتحاد الأفريقي حول دارفور التي ترأسها تابو أمبيكي الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، أذهلني أيضاً الترحاب الذي لقيه ذلك التقرير من كل القوى السياسية السودانية. قال امبيكي في تقديمه للتقرير :»الجذور التاريخية لحروب السودان المتعددة والمتكررة، بما فيها حرب دارفور، تعود إلى المناهج الإقتصادية والسياسية الظالمة التي شابت إستخدام السلطة في القطر منذ القرن التاسع عشر على الأقل. فالحكومات المتعاقبة بعد إعلان الإستقلال كانت أما عاجزة عن، أو غير راغبة في، السيطرة على هذه المواريث وإعادة تكوين السودان كامة يتشارك فيها كل المواطنين الإحساس بالفخر بإنتمائهم للسودان». كما قال: «مشكلة دارفور هي مشكلة السودان في دارفور». أو ليس في هذين القولين صدى لما كان يقوله جون قرنق منذ عام، وبدلاً عن الترحاب بقوله ذلك، رماه الناس بكل تهمة، بمن فيهم من يشيد بما توصل إليه امبيكي من نتائج! (ب) قدرة وحذق قائد الحركة الشعبية في إدارة النضال السياسي والتفاعل الفكري، وفي الربط بين الوسائل والغايات. فالغايات الكبرى - وكان قرنق بعيد الغاية - لا تتحقق إلا بوسائل فاعلة. والوسائل لا تجدى إن كانت عصية على التطبيق إما بسبب عدم مواءمتها للظروف، أو قلة إدراك الفاعل للواقع الذي يريد تغييره. (ج) تعاطى قائد الحركة تعاطياً فكرياً حتى في إمور الحرب، فالفكر ضروري في الحرب كما في السياسة. كان الراحل، وهو يعد لعملياته العسكرية يقرأ عن حروب البلبونيز، وتجارب الصين وفيتنام، ونظريات صن تسو في الحروب، في ذات الوقت الذي كان يقرأ فيه عن السياسة والإقتصاد وتاريخ الشعوب. لهذا أفلح الرجل في التفاعل الفكري مع، بل التأثير على عدد لا يحصى من مثقفي الشمال. وبآخرة، خلال فترة المفاوضات في نايفاشا، أخذ قرنق يقرأ تراجم القرآن (واحدة من تلك التراجم أهداها له علي عثمان محمد طه ). لا نحسبنه فعل هذا لنوازع دينية، وإنما ليتفقه في الأمور ليفطنها، ثم يجادل فيها رفيقه المفاوض عن علم. وكثيراً ما كان قرنق يجري مقاربات بين ما أطلع عليه في القرآن وما استوعبه من العهدين القديم والجديد، ولطالما ذكرناه بحديث الرسول الكريم: (الأنبياء أبناء علات، أبوهم واحد وشرائعهم شتى) (د) حرصه على أن لا تقود الحرب إلى ضغائن بين المتحاربين، ومن ذلك توجيهه لمحاربي الجيش الشعبي بان أي مقاتل من الجانب الآخر يضع السلاح يجب أن يعامل كمدني لأن وضع السلاح يعني إنهاء قدرة المحارب على إيذاء خصمه. لهذا كان للجيش الشعبي الآلاف من أسرى الحرب، منهم من أُطلق سراحه نتيجة وساطات من جهات عدة: الصليب الأحمر، التجمع الوطني، مولانا الميرغني، كما اُطلق سراح من تبقى منهم عقب إتفاقية السلام الشامل. وذات مرة وجه قرنق سؤالاً ريطروطيقياً: «هل الجيش السوداني عاجز عن أن يلقي القبض على مقاتلي الجيش الشعبي؟». كان السؤال ريطروطيقياً لأن الجواب لم يكن خافياً على السائل. الجواب، في تقديره، هو أن جندي الجيش الشعبي الوحيد الذي يؤمن شره هو الجندي الميت The only good SPLA soldier is a dead one ).) وعلى كل، فإن جاز هذا لكل محاربي الأرض رغم تحريم قوانين الحرب لذلك، فإنه لا يجوز لمحارب يجاهد تحت رايات الإسلام ويلتزم بنواهيه. أو لم يقل رسول الله صلعم في أساري بني قريظة. «أحسنوا أسراهم وقيلوهم وأسقوهم حتى لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح». (ه) براعته في إنشاء التحالفات مع كل المجموعات العرقية والسياسية في السودان مما قرب منه المواطن الشمالي العادي، خاصة من كان ينشد منهم التغيير وما هو بطائله. كان يقول دوماً لرفاقه: «واجبنا ليس هو أن نحارب لهؤلاء القوم حروبهم، بل أن ننظم غضبهم to organize their anger) ) لأن الغضب غير المنظم يدمر». جون قرنق لم يخترع الصراعات الجهوية ولكنه اكتشف جذورها. ولم يستجيش غضب المهمشين ضد الظلم وإنما أزكى وعيهم به. الغضب الناجم عن الظلم، حقيقة كان أم توهماً، معروف في السودان منذ الإستقلال: مؤتمر البجه 1959م، إتحاد جبال النوبة 1958م، حركة سوني في دارفور 1962م. بيد أن الظلم وحده لا يصنع ثورة، وإنما يصنع الثورات الإحساس والوعي بالظلم. ولعل هذا هو الذي قصد إليه الفيلسوف الألماني (البروسي) جوهان هيردر Johan Herder عندما قال: «لكل مجتمع روح والمفكر الحقيقي هو الذي يحول الروح إلى وعي». (و) براعته أيضاً في، بل وحرصه على، خلق علاقات حميمة مع عامة الناس. فطوال غيابه عن شمال السودان بعد أن تركه للغابة، ظل قرنق في تواصل دائم مع جيرانه من عامة الناس في الحاج يوسف. وكان أولئك الجيران هم أول من خف لزيارتهم عند مجيئه إلى العاصمة. وتعبيراً عن حبهم له أقام أولئك الجيران سرادق عزاء عقب رحيله. كان قرنق، كلما سئل عن الدائرة الإنتخابية التي سيترشح فيها أجاب: «الحاج يوسف» حتى أخذ بعض صحبه الأقربين يتندرون على ذلك بإطلاقهم على القائد الراحل وصفاً لا يخلو من الخبث: «مرشح دائرة سانت جوزيف» (ز) إستعداده للإعتذار عن الخطأ لمن يجدر به الإعتذار لهم، فالإعتذار لا يجوز لمن فطرهم الله على أن لا يأبهوا لفعل خير. مثلاً، عند ما لاحت تباشير السلام دعا قرنق إلى موقعه الرئاسي في نيو سايت كل القيادات القبلية والدينية في الجنوب ليطلب منهم العفو وهو يقول: «لقد إرتكب الجيش الشعبي أخطاء جسيمة خلال الحرب في حقكم، وفيما تملكون. تلك إمور اقتضتها طبيعة الحرب. ومن حقكم علي، بل من واجبي، أن أعتذر عن تلك الجنايات سائلاً عفوكم». (ح) إدراكه لقدر نفسه، فلكل زمان ومكان رجال. مثلاً، عندما تلاقت قيادات التجمع الوطني في أسمرا لاختيار رئيس للتجمع، وكان الرأي مجتمعاً على اختياره، تأبى قرنق قبول ذلك العرض واقترح، كبديل عن ذلك، أن تكون للتجمع قيادة جماعية تضم قيادات الاحزاب. كما اقترح على زملائه الموافقة على اختيار مولانا الميرغني رئيساً لتلك الهيئة. قال لزعيم الحزب الوطني الإتحادي: «ليس من اللياقة أن أكون رئيساً لفريق أنت فيه». وبحكم معرفتي اللصيقة بالراحل، أوقن أنه لم يفعل ذلك من باب التواضع المفتعل، وإنما لإدراكه أن ذلك القرار يقتضيه واقع السودان السياسي المعقد، والذي لا يعترف بالواقع يدفع بنفسه إلى فشل إن لم يكن تهلكه. (ط) أخيراً قدرة ذلك القائد الفذ في التمييز بين ما هو داني القطوف في السياسة وما هو مستحيل حتى لا يتعسف المرء طلبه. وبين ما هو ممكن ومتاح وما هو مرغوب ومستعصي. القدارة على ذلك التمييز هي التي مكنته من إبرام اتفاقيات مع كل القوى السياسية، بما فيها حزب المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي اللذان خاض ضدهما حرباً لأكثر من عقدين من الزمان. بدون ذلك الفهم الفَطِن لحقائق السودان ما كان جون قرنق لينجح في مفاوضات تحيط بها الألغام ، بل لعله كان سيغرق في وحل السياسة السودانية وطينها المتكلس. اتفاقية السلام الشامل لم تحقق لجنوب السودان وحده الكسب، وإنما لكل أهل السودان كما يعلم الغادي والرائح. ولكيلا نخطئ في الحساب نؤكد ما قلنا من قبل عن أن تلك الإتفاقية، على شمولها ، لاتمثل رؤية الحركة الشعبية للسودان الجديد . مع ذلك
أرست الإتفاقية قواعد متينة تنطلق منها كل القوى الطامحة إلى، والحريصة على، بناء سودان ديموقراطي إلى تحقيق ذلك المطمح المشروع. السودان الجديد هو سودان يستوعب كل اهله بتنوعاتهم وتعدداتهم المتقاطعة، ويتيح لهم التساكن الآمن ، بل التفاعل الخلاق. ذلك لايكون إلا بشيئين: الأول هو بناء السياسات القومية على ما يجمع بين الناس لا على ما يفرق بينهم. الثاني هو تمكين كل القوى السياسية من العدو فوق أرض منبسطه لا نتوء فيها ولا كوابح ولا تعاريج، كما ذكرنا من قبل. هذا هو قدر الحركة الشعبية، توحد السودان أو إنشطر، إذ أن رؤية السودان الجديد ليست برؤية ميتافيزيقية مجردة، كما أن إستيلاده لا يتم عبر حدث واحد. تحقيق السودان الجديد «عملية وليست حدثاً»، كما كان القائد الراحل يقول. ....... وفي مناقب الإتفاقية ما الذي حققته اتفاقية السلام الشامل؟ رغم أننا سنكرر أنفسنا، الا أنا نستميح القارئ العذر لأن نفعل هذا بغية ربط أطروحتنا بالقرائن. * حققت الاتفاقية السلام الشامل، وبدون السلام لن يكون هنالك حكم مستقر، رشيداً كان ذلك الحكم أم جامعاً للآفات. * أحدثت الاتفاقية تغييراً عميقاً في نظام الحكم باقرار اللامركزية بوجه لم يعرفه السودان من قبل. فرغم كل الحديث في الماضي عن الفيدرالية لم تتحقق الفيدرالية باي درجة تقارب الدرجة التي حققتها الاتفاقية. * وضعت الإتفاقية الأساس لنقلة نموذجية في الاقتصاد بتضمينها في الدستور لقواعد جديدة للقسمة العادلة للثروة والإيرادات القومية. * أعلت الاتفاقية قيمة الثقافات واللغات السودانية المنسية و المزدراة عند البعض وارتفعت بها إلى مركز اللغات والثقافات الوطنية . * أرست الاتفاقية مبدأ مهماً هو أن المواطنة وليس الأصل العرقي أو النوع أو الانتماء الديني هي التي تؤهل المواطن لشغل كل الوظائف القومية بما في ذلك رئاسة الجمهورية. ونذكر أنه حتى منتصف عقد الستينيات من القرن الماضي كان الساسة السودانيون يتحاورون فيما إن كان للمواطن المسيحي الحق في التطلع لرئاسة الجمهورية. * تضمنت اتفاقية السلام بل وطدت entrenched) ) في الدستور مبادئ حماية حقوق الإنسان وسنت، ولأول مرة في تاريخ السودان، وثيقة للحقوق. * وضعت اتفاقية السلام عملية التحول الديمقراطي في مسارها الطبيعي بحيث يكون التنافس السياسي تنافساً ديموقراطياً معافى حتى لا ينزلق أهل السودان من جديد للعنف والحروب. ورغم التسليم بأن عملية التحول الديمقراطي لم تتحقق بوجه كامل، فإن ذلك لم يكن لقصور في الإتفاقية أو الدستور وإنما لعجز القادرين عن التمام. * كفلت الإتفاقية مساواة الرجل والمرأة في «التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية ، وجميع الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية (الفقرة 1-6-2-16 بروتوكول إقتسام السلطة)». مع هذا، لم تكتف الحركة بذلك النص بل ترجمته ترجمة عملية في المحيط السياسي بتحديد نسبة مقدرة للنساء (25%) في كل المواقع الدستورية، بما فيها البرلمان، دون ان يحرمها هذا التمييز حقها في التنافس مع الرجل فيما تبقى من مقاعد. * وأخيراً أعطت الاتفاقية معنى لما ظلت الحركة الشعبية تصفه «بالوحدة على أسس جديدة «، كما عَرفَت الشكل الذي سيتم بموجبه تحقيق هذه الوحدة طوعاً. ولئن لم يتحقق ذلك ينبغي أن يكون السؤال: «من هو الذي حال دون توفير الظروف التي تقود لتحقيق الوحدة الطوعية؟» بدلاً عن «ما هو مصير شماليي الحركة بعد الإنفصال». فالعمل على تحقيق الوحدة مثل رقصة التانجو، لا تكتمل إلا براقصين، أو كما يقول الأمريكيون .(It takes two to tango) المُضي قُدماً في طريق الوحدة مهما .............. لكل ما سبق ذكره، نوقن أن الحركة الشعبية في كل السودان ستمضي فيما تبقى من الفترة الإنتقالية في سعيها لجعل الوحدة جاذبة كما تلزمها بذلك إتفاقية السلام الشامل. وبما أن الحركة الشعبية هي الحزب الذي أطلق الدعوة لوحدة السودان على أسس جديدة ، وبما أنها هي الحزب القائد في الجنوب، فإنها تملك أكثر من غيرها القدرة السياسية لجعل الوحدة حقيقة، لا يماثلها في تلك القدرة أحد. هذا واجب ومسئولية لا تستطيع الحركة التنصل منهما حتى يختار شعب جنوب السودان، وفق إرادته الحرة، ما يريد: الوحدة أو الإنفصال. في ذات الوقت يتيح خيار الإنفصال لقوى جنوبية لم تكن طرفاً في الاتفاقية الحرية في الدعوة للانفصال، شريطة أداء ما ألزمهم به الدستور مثل التعهد بالعمل على إنفاذ الإتفاقية، وإحترام المؤسسات التي أرستها، والدستور الذي أقامته. هناك أيضاً ساسة جنوبيون آخرون لا ينتمون للحركة الشعبية قرروا سلفاً أن خيارهم هو الوحدة تحت كل الظروف. رأى هؤلاء، بل حقهم في الدعوة لما يدعون إليه، جدير بالإحترام. على أن الظاهرة التي تتطلب الوقوف عندها طويلاً هي محاولات رهط من الساسة الجنوبيين أصبح ديدنهم هو تعيير الحركة الشعبية بأنها الحزب الذي باع الجنوب وخان مصالح أهله لأنه لا يدعو للإنفصال. لهؤلاء قال رئيس الحركة في مؤتمر كل الأحزاب في جوبا (26 -29) سبتمبر 2009م). «ليس لديكم ما تعلموننا إياه. فنحن الذين صنعنا الإتفاقية ، ونحن الأدرى بما تفرضه من واجبات». أضاف: «أين كنتم حين كنا هنا وسط شعبنا في وقت كان فيه ذلك الشعب في أمس الحاجة لقياداته». يدعو للدهشة، ان يكون مركز إنطلاق الأغلبية من هؤلاء الإنفصاليين المزعومين هو الخرطوم، دون أن يلحق بهم تقريع أو تأنيب من وحدوييها. مع ذلك لم يملك أي من هؤلاء الساسة الشجاعة لإظهار لونه الحقيقي، أو رفع راياته الإنفصالية في عاصمة السودان. الشغل الشاغل لهؤلاء، ولمن يخطط لهم أو يؤازرهم ويدعمهم ممن أسميناهم بالحفارين هو تأليب هذه الجماعات على الحركة الشعبية وحكومتها في الجنوب حتى تنكسر. هذا الموقف الملتبس يكشف عن أن الغاية الأولى لمن ينبغي أن يكونوا في مقدمة الحادبين على الوحدة وإنفاذ الإتفاقية بالصورة التي تؤدي لهذه الوحدة، ليست هي إنفاذ الإتفاقية، أو وحدة السودان وإنما تدجين الحركة الشعبية حتى ترضخ لأماني الأخ الأكبر، بالمعنى الأورويلي للكلمة (نسبة لجورج أورويل، إسم القلم للكاتب والروائي البريطاني اريك آرثر بلير). وفي نهاية الأمر، لا الحركة الشعبية، ولا الإنفصاليون الحقيقيون ، ولا أولئك الذين آثروا المنزلة بين المنزلتين، هم الذين سيقررون مستقبل جنوب السودان. شعب جنوب السودان وحده هو صاحب القرار، وحدة كان أم إنفصالاً. وبما أن قرار الوحدة لايتم إلا إن كانت الوحدة جاذبة له، ولن تكون كذلك إلا إن إستوفت شرائطها الا وهي التطبيق الكامل للإتفاقية، لا يستطيع أحد أن يتحدى قرار ذلك الشعب. لن يكون هذا هو خاتمة المطاف بالنسبة لحركة قومية التوجه ظلت تدعو لوحدة السودان منذ منشئها وتفاخر بأنها أول حرب خاضتها كانت بين رفاقها حول الوحدة أو الإنفصال. في تلك الحرب انتصر الوحدويون بقيادة قرنق الذي مضى في دعوته، حتى عندما فاوض وتوصل إلى إتفاقية السلام الشامل لكيما يكون السودان كله وطناً حراً ديموقراطياً جديراً باهله وأهله جديرون به. هذا موقف لا شبيه له في تجارب الأمم، ففي كل الحالات التي وقع فيها إنفصال إقليم عن الدولة الأم عبر ممارسة حق تقرير المصير كان الإنفصال هو الشعار الذي رفعته قيادات حرب التحرير منذ البداية: إثيوبيا / أرتريا، أندونيسيا / تيمور الشرقية، المملكة المتحدة / إيرلندا الحرة، كندا / كويبك. أما وضع السودان فهو النقيض لهذا. فمنذ تفجير ثورتها في العام 1983 دعت الحركة، من مركز إنطلاقها الجنوبي، إلى وحدة السودان. وعلنا نستذكر أنه عندما طالب الوفد الحكومي في أخريات أيام التفاوض بمنح المؤتمر الوطني 10% من مقاعد البرلمان ومواقع الولاة في جنوب السودان، بالرغم من أن ذلك الحزب كان يفاوض باسم حكومة السودان التي تتكون من أكثر من حزب، تساءل قرنق: «ولماذا المؤتمر الوطني؟». كان الرد هو: «لكيما نعمل على الدعوة للوحدة الجاذبة». وافق قرنق على الطلب وأضاف: «الحركة الشعبية أيضاً تريد 10% من المواقع في الشمال كيما تدعو عبرها لفكرة السودان الجديد». لهذا نفترض أن الحركة عندما قبلت في العام 2005م فكرة السودان الجديد المصغر وأسمته الحد الأدنى من السودان الجديد أرادت أن يكون حق تقرير المصير آلية لدعم الوحدة الطوعية، على الأقل في حدها الأدنى. هذه، بالطبع، هي رؤية الأب المؤسس، لا رؤية دعاة الإنفصال في الجنوب منذ البداية، ولكل ما رأى. كما ليست هي رؤية قلة من قيادت الحركة الذين أثبطت هممهم مناورات المرجئة والمعطلة، أو استرهبهم من جاءوا بسحر عظيم من دعاة الإنفصال. خروج هؤلاء على ما نصت عليه الإتفاقية، تماماً كما خرج نظراء لهم في الحزب الشريك، لا يؤهل أياً منهما لإمتطاء صهوة جواد أبيض يقول من فوقه للآخر: «لقد أخطأت». فمع بسالة هؤلاء فيما صنعوا من أجل تحقيق السودان الجديد خلال عقدين من الزمان الا إن الأمور دوماً بتمامها، والصنائع بإستدامتها. رغم كل هذه العوائق، فإن قيادة الحركة مطالبة بالدعوة لما ظلت تدعو، والتزمت في الإتفاقية بالدعوة، له: جعل خيار الوحدة جاذباً حتى الشوط الأخير، كما فعل رئيسها سلفاكير في خطابات سياسية في الدمازين وجنوب كردفان والذي قال فيه: «سأكون أول من يضع صوته في صندوق الوحدة». مع ذلك، فإن البعض لا يذكر لسلفا إلا تعليقاً عابراً في كنيسة بجوبا، وكأنهم يتمنون أن يكون ذلك هو الحال. بسبب من كل ذلك حرصت الأجهزة العليا في الحركة على أن تبين على وجه التحديد ما الذي تعنيه بالسودان الجديد في بيانها الإنتخابي، وأن توضح البرامج العملية الواقعية التي تعبر بها عن ذلك المعنى حتى تُطرح على مناصريها في الشمال والجنوب والشرق والغرب خلال الإنتخابات القادمة التي تعد العدة لخوضها. التعابير الشفرية في الختام، لا تنتهي مسئولية الحركة الشعبية بالإنفصال. كان قائد الحركة الراحل يردد كثيراً أن السودان الجديد، ويعني بذلك السودان الكبير Sudan writ - large) )، سيكون دولة تحتذى ومنارة في أفريقيا. ذلك كان حلمه للسودان الكبير. ونأمل، إن كان ثمة إنفصال، أن يكون السودان الصغير Sudan writ - small) ) أيضاً مثلاً يحتذى. هذا أمل لن يتحقق إلا بالإلتزام بالرؤى والقيم المعيارية للحكم التي أرساها الزعيم الراحل. إن تم هذا ستبقى الحركة في الجنوب منارة رجاء صالح ليس فقط لأعضائها في شمال السودان، وإنما أيضاً لكل القوى الطامحة في سودان جديد. نجئ من بعد إلى من يُطلق عليهم اسم «شماليي الحركة»، هذا تعبير ابتدعه صحفي باحث (ضياء الدين بلال) ربما استهواه الإسم كعنوان شائق لمقال صحفي أو كتاب يلفت به الأنظار. ولكن النعت أيضاً أصبح تعبيراً شفرياً عند صنف من الناس تتملكه العنصرية حتى أطراف أنامله لأنه لا يرى في الحركة إلا تنظيماً جنوبياً، خلقه قائد جنوبي، ويمثل الجنوبيون الجزء الغالب من قياداته. فلم نسمع ابداً من يتحدث عن جنوبيي حزب المؤتمر الوطني، وهم كثر. ولا عن جنوبيي المؤتمر الشعبي، وعدد غير يسير منهم يحتل المراقي العليا في ذلك الحزب. الجنوبيون والشماليون في الحركة، حتى في أدنى مراقي الجيش الشعبي ، ظلوا يطلقون على أنفسهم اسم السودانويين الجدد (New Sudanists ) لأنهم مواطنون بلا حدود. ذلك تعبير لا يستبشر به كثيرون، ناهيك عن أن يفيض السرور في نفوسهم: «قل موتوا بغيظكم». نقول لرهط الشامتين أن السودانويين الجدد سيبقون، إن انفصل الجنوب، تحت خيمة ما تبقى من السودان، لا يقتلعون منه إلا يوم أن تقتلع الخيمة. واجبهم المباشر هو العمل الدائب على أن يتم الطلاق بين شقي القطر بإحسان حتى تتحقق الوحدة على وجه جديد بعد أن عرقل مسيرتها الذين يفرحون في الارض بغير الحق. وواجبهم الدائم هو مواصلة السعي لبناء سودان جديد، «فلا تكُ في مِرية منه». بين هؤلاء، إن أمد الله في العمر، سأكون، لا من خلف ولا قدام. أما موقعي في الفضاء السوداني الذي يتمنى البعض أن يعرفه من باب الفضول أو الشمات فسأحدده لنفسي وبنفسي فوق الزمان والمكان. هو كموقع ابن السقاء الكوفي، أمير الشعراء المتنبي واقف تحت أخمصي قدر نفسي واقف تحت أخمصي الأنام ذلك موقع لن يحظى به إلا من تصالح مع نفسه وما فتئ يتمنع عن وضع خطامه على أيدي الآخرين، كبروا أو صغروا، حتى لا يستبدوا به. أو إن شاء الشامتون بلا جدوى الرد على
السؤال بتعبير آخر نقول: أن موقعنا سيكون موقعاً هامليتياً: «لئن تحدد موقعي داخل قشرة صلبة لثمرة جوز فسأعد نفسي ملكاً لمكان بلا حدود» (I could be bounded in a nut shell and count myself a king of infite space) الفصل الثاني المشهد الثاني من هاملت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.