جُل الشعب السوداني كان وجلاً خائفاً يترقب سقوط القمر الاصطناعي الأمريكي على الوطن ولكن كانت الفاجعة أكبر حين سقط (قمر آخر) ونجم كم تلألأ في سمائنا.. غاب من بعد طلوع وخبأ بعد التماع زيدان إبراهيم الذي رحل فجر السبت بعد أن ملأ الدنيا وشغل الناس، هز كياني وكيان كثير من محبيه فلقد ظل هذا المبدع يعطر ثنايانا منذ ميلادي، فلقد نشأت وترعرت على أنغامه وحلو كلماته ولمسات ألحانه، كم أسعدنا وكم أطربنا وهو الذي في خيالنا دائماً.. وسط الزهور متصور وجهو الصبوح منور رقة وحنان كاسيهو زي القمر مدور زيدان شلالات حزن مفرح، وشجن مسعد، زيدان كان يفرحنا حتى بأغانيه الحزينة. في الليلة ديك والناس تشارك فرحتي حسيت بأني غريب هناك وغريبه إنت في دنيتي والآن كم عبرت كلماته عنا ونحن نردد : حسيت معاني الفرقة حسيت زيدان الرائع ظل وحيداً طوال حياته رغم أصدقائه الكُثر، فما أن يعود لمنزله حتى يجد نفسه والنجم والمساء، وهو الذي أتحفنا بدرره: كما تشتاق للمشاعر تملأ دنياك بعبيرها لما تشتاق للعواطف تنسجم تلبس حريرا أبقى أسأل عن قلوبنا تلقى فيها كنوز محبة تلقى فيها قدور حنان تلقى فيها الشوق يغني تلقى فيها الريدة فاردها جناحها تشتاق للربيع.. فكم وهبنا السعادة وهو يفتقدها، وكم أسعدنا وهو حزين العنديب الأسمر القامة الفنية الرائعة الرجل المثقف قال في شبابه: غرس في الكابلي وود القرشي الإحساس بالكلمة. فكان زيدان من عطر سماواتنا بالكلمات الرصينة عشقناه ولكنا تعبنا إذ عشقناه سكارى عند رؤيته حيارى عند ذكراه يعاتبنا بنظرته بلا ذنب جنيناه سوى إنا هويناه ولكن ما سألناه لقد ظللت منذ صباي عاشقاً لهذا المبدع ولازلت أذكر أنني كنت أترنم وأنا في الطريق إلى المدرسة أو عائداً منها. من لمسات حناك خلاص تمينا دور أيام مرة خالية من طعم السرور والآن انفض الفرح وغاب السرور إلى الأبد، غاب عنا وعن الوطن من كنا نردد عنه وبعده يا المخلوق بلون الطيف أوصف فيك أوصف كيف ياالحيرت أوصافي يالسر العميق خافي بحر ما طالتو مرافئ منك تبتدي الريده وبعدك ريدها جد مافي عمَّق زيدان إبراهيم في أعماقنا حب الكلمة الرصينة المعبَّرة، وهذب أذواقنا باختياراته المنمقة، ويوم اختار رائعة إبراهيم ناجي: داوي ناري والتياعي وتمهل في وداعي ياحبيب الروح هب لي بعد لحظات سراع أدهش كل أهل الفن بحسن الاختيار وروعة اللحن، ولم يكن ولم نكن نعلم أننا سنرثيه بها. واليوم نقول له: لا تسأل مشاعرك ليه عينيّ بكن يوم ودعني حزنك ولازمني الشجن رحل زيدان إبراهيم بعد أن ظل يعطر وجدان المستمعين لسنوات أسعد أهل التاكا حين غنى مين علمك يافراش تعبد عيون القاش الخضرة في الضفة وهمس النسيم ألماش وأهل كردفان الغراء أم خيرا جوه وبره أسير حسنك يا غالي في ريدك كم بغالي اشيل من طبعك أنت ويصبح حالي حالي محمد إبراهيم زيدان الذي رحل عن دنيانا بعد أن تبدد أملنا بعودته وجعلني صدقاً أحس بقوله كم تمنيت وكم من أمل مر الخداع وقفة أقرأ فيها لك أشعار الوداع نعم غاب البدر الذي ظل يضيء سماواتنا زماناً، ويهب لنا السعد ويعطر أماسينا.. رحل العندليب الذي طالما ترنم لنا بما يجمِّل مشاعرنا ويعبر عنها بصدق في سفره الأخير للعلاج دعونا له ليعود معافى ولكن. يالرحت طولت الغياب لو تعرف اللهفة والريد والعذاب ماكنت رحت وكنت طولت الغياب وبعدك يا ناثر الفرح في بلادي وماجاورها الليل حزين دمعاتو صامته تبللو ممتد طويل ماليه حد فاقد نهايتو وأولو اللهم أرحم زيدان إبراهيم وأجعل الجنة مثواه اللهم إن رحمتك وسعت كل شيء فاجعلها تغمر (محمد إبراهيم زيدان). وفي بعدك يا غالي أضنانا الألم وعشنا مع الليالي لاحب لا نغم والله بعدك ياعزيزنا الدنيا بقت عدم والفرح من غير نغم والسعادة بقت وهم والحلوة من غير طعم واختم والحزن يعتصرني من بعدك انت يعيش منو ومن تاني مين يتمنى العمر