الطبيعي والطبيعي جداً هو ما قامت به فضائية النيل الأزرق وهي تبرز على شاشتها طوال ساعات بثها الممتدة صورة الراحل الكبير الفنان زيدان إبراهيم، مشاركة منها للشعب السوداني ولعشاق فنه ولأسرته من أهل حي العباسية العريق، والطبيعي والطبيعي جداً أن تفرد مساحات مسائها الجديد للحديث عن زيدان نقلاً حياً بالصورة والصوت من داخل مطار الخرطوم، ومن داخل اتحاد المهن الموسيقية، وكاميراتها وطاقمها المتفرد الخلاق ينقل أحزان العباسية، والطبيعي والطبيعي جداً أن تكون حلقة أغاني وأغاني هي الحلقة التي سجلها زيدان مع الأستاذ السر قدور الموسم الماضي، أقول إن هذا هو الطبيعي والطبيعي جداً لدور الإعلام الذي يفترض أن يلعبه الإعلاميون تواجداً لحظات الحدث الأولى انفعالاً به ومعه، نقلاً عالي الحساسية لملايين المشاهدين الذين يتوقعون وينتظرون أن تكون الكاميرات بمن هم خلفها أو أمامها عينهم التي ينظرون بها، وأذنهم التي يسمعون بها، وكانت النيل الأزرق حاضرة في الموعد، وفي قلب الحدث بكل تفصيلاته الدقيقة.. لكن غير الطبيعي وغير طبيعي جداً أن تسجل الفضائية السودانية هذا الغياب المخجل وهي تمارس هواية الاختفاء عن الأحداث الطازجة، ولكأنها أدمنت أكل البائت الذي انتهت فترة صلاحيته، بدلالة أنها أمس لم تجد ماتسهم به في حدث هز وجدان كل الشعب السوداني، إلا أن تقدم حلقة معادة من عزيزي المشاهد تتحدث عن (علاج) زيدان، ووقتها كان زيدان يرقد متكئاً على يمناه في دار البقاء والخلود!! أي عجز هذا؟ وأي قعود ذاك الذي تمارسه الفضائية السودانية؟ والتي كان يفترض أن تخصص فترة مفتوحة حتى لحظات تشييع زيدان أقله كانت ستضمن وجود مشاهدين فروا منها وعنها يشاهدونها للحظات، لو ما عشان عيونها فأكيد عشان زيدان.. صدقوني كل صباح تؤكد النيل الأزرق أن الإمكانات وحدها ليست المحك، وهي التي مازالت لا تملك عربة للبث المباشر (ملك حر)، والنيل الأزرق تؤكد أن الإبداع لا تخلقه الميزانيات الممتدة ولا الاستديوهات المفتوحة أو تلك المؤجرة على برج الفاتح.. دعوني وبصفة خاصة أحيي الجنرال حسن فضل المولى الرجل الذي ما أختلفنا معه إلا وأجبرنا بتميزه وتفرده أن نعود ونتفق معه، ويكفي أن الشيك الوحيد الذي لم يأخذ مع لجنة علاج زيدان أكثر من خمس دقائق، كان شيكاً موقعاً من حسن فضل المولى، وغيره وعدنا بالاتصال، فتركنا أرقام هواتفنا ولم يتصل بنا أحد حتى الآن، ولعل الإشادة تمتد لقناة الخرطوم الفضائية وجنرال آخر على قيادتها هو الأخ الأستاذ عابد سيد أحمد، التي تتواجد في الحدث بكاميراتها ومذيعيها وطواقمها.. أقول إن أمر الفضائية السودانية أضحى أمراً محيراً، وأظن أنها تحتاج لعملية نقل دم سريع، وهي تعاني الهزال والضعف في مواقف وأحداث يفترض أن تكون فيها حاضرة ووافقه على قدميها، وعلى قول عادل إمام في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة) وهو ينظر إلى (الخيار) بتهكم ويقول (خللوه) فأنا أيضاً أشاهد تلفزيون السودان وأقول قفلووه!!. كلمة عزيزه: بقدر حرص الأخوة المعدين والمنتجين والمخرجين والمصورين في فضائية النيل الأزرق على أن يبدو جهدهم واسهامهم في أحسن صورة- نحن أيضاً نشاركهم ذات الحرص- لذلك أرجو وفي المرات القادمات أن يكونوا أكثر حرصاً في الأحداث المهمة، وألاَّ يوكلوا أمر إداراتها لمن لا يملكون القدرة على ذلك، ويكفي أن مساء جديد الذي كنت ضيفة عليه أمس وأستاذي ميرغني البكري.. ولولا وجود المتميزة تسابيح خاطر بكل ثباتها وصوتها الواضح ونبراتها الواثقة كادت أن تطيح به سهام عمر أرضاً بضعفها اللغوي، وارتجاف صوتها الواهن، وفقدها لأبجديات المعرفة، ويكفي أنها قالت إن زيدان من مواليد اربعينيات هذا القرن، وهي لا تدري أنه القرن الماضي (الزمانه فات وغنايه مات)!!. كلمة أعز: شكراً الشعب السوداني الوفي ياجميل المقاصد والنوايا وصادق المحبة، يالمرسوم بلون الطيف، وكلكم وكلنا أهل زيدان وعشيرته.