أخي عبد العظيم / تحياتي أتابع ما تكتب.. أحس أنك تعكس الآلام وتنسج خيوطها من قلبك الجريح المهموم بقضايا الناس والوطن - كأنك تكتب بلسان الفلسفة التي لا وطن لها.. فهل أضعنا اللآليء وأصبحنا نبحث عنها بين الحصى والرمال.. بين الحقيقة والخيال... بين قرارات وتوصيات وعصي مرفوعة بالتهليل ولمزيد من النفاق والبطون خاوية والبلاد تتعرض للمؤامرات والعطالة في بلد أعطاه الله النعم والخيرات تزداد كل يوم ومازلنا نصنع الأكشاك ونهلل لافتتاحها ولا نسأل أنفسنا من الذي أوصلنا إلى هذا الدرك السحيق من الفوضى الإدارية؟!! والمؤلم أن حكومة المؤتمر الوطني التي أوصلتنا خلال عقدين إلى هذا الوضع.. تسعى ومنذ زمن بعيد لإرضاء قادة الأحزاب «ورثة الرجال الذين أعطوا الوطن العز والشموخ» وهم أنفسهم الذين أوصلونا إلى هذا الحد من التمزق والتخبط والفوضى ذات القيادات التي جثمت على قيادة الأحزاب باسم الطائفية ويا للعجب!!! يسعون خلال نصف قرن من الزمان لتطوير أحزابهم.. وإفساح المجال لكوادر جديدة لقيادة الأحزاب توطئة لقيادة البلاد.. هؤلاء أصحاب البيوتات يسعون الآن لكراسي الحكم وهم يستمتعون بالخيرات والأضواء والشعب جائع فقير معدم أولاده يقودون الركشات والأمجادات.. بعد أن مزقوا شهاداتهم في دولة العلم والإيمان فعجبي.. إليكم يا سيادة الرئيس وإلى الرأي العام أوجه كلماتي.. هل حكومة الإنقاذ تحتاج لقيادة الأحزاب وإلى البيوتات التي خبأ بريقها وأصبحت في ذاكرة الأمة هل تحتاجهم لإنقاذها؟؟؟ فمن هم هؤلاء يا سيادة الرئيس أليسو قادة التجمع الوطني الذي خطط وباع الوطن حتى انقسم وشهدوا إنجازهم العظيم بانفصال الجنوب؟؟؟ أليسو هم أنفسهم الذين أضاعوا البلاد وأطاحوا بالديمقراطية ثم هربوا إلى بلاد الدينار والدولار والريال واتخذوا فنادق العالم سكناً.. يبذرون بذور الفتنة والنفاق حتى أصبح الوطن الآن فريسة سهلة الاصطياد؟ فكيف نقبل بعودتهم لكراسي الحكم من جديد وهم الذين أطاحوا بالقيم والموروثات والتاريخ فلماذا نفتح لهم الأبواب من جديد بعد أن هربوا عن الدخول عن طريق الانتخابات سواء كانت مزورة أم حقيقية! فلماذا تحاورهم حكومة المؤتمر ولا ثقل لهم في الشارع.. وتعاقب الأجيال جعلهم كالأشجار اليابسة فقدت جذورها بعد أن فقدت الري الصحيح للحفاظ عليها.. يا سيادة الرئيس: الشعب الذي شرب بحراً من الأكدار وتوشح بالأحزان ودفع الثمن غالياً يعرف أن سعادته شراب لا يقبل المزيج فقد مضى زمن اللغو والسمسرة والأوهام وانكشف المستور وجاع الشعب وآن الآوان أن نعيد التصور من جديد.. لأننا لا نستطيع أن نعطي هؤلاء مستقبل البلاد ولا تغزل بخيوط العنكبوت مستقبل الأجيال. الربيع العربي من حولنا بل ووصل إلى أمريكا والشعوب يا سيادة الرئيس لا ترحم وأخطر ما يواجه الحكومة جيوش المطبلين فهم أخطر عليها من ثورة الشعب.. فالشتاء على الأبواب وأوراق الأشجار تستعد للسقوط بعد رحلة وصحبة والتجديد سنة الحياة في الإنسان والنبات وكل مكانه ومستقره الأرض ظاهرها وباطنها مهما طال الزمن، فقد آن الآوان للتجديد من أجل الوطن والحفاظ على ترابه.. وعلينا يا سيادة الرئيس كقادة رأي أن نعكس لكم رأي الجماهير وقد ظللنا نكتب ونواصل من أجل عزة الوطن وشموخه إن الحل في رأيي الشخصي أن تأتي حكومة جديدة من أبناء السودان البررة لا علاقة لها بكل « الفات » تعالج القضايا الهامة والعاجلة ببرامج تنموية تجعل التنافس بين الولايات لمصلحة الوطن.. توضع برامج في التنمية وإصلاح التعليم ليتواكب مع تطورات العصر وحاجة البلاد.. حكومة تحرسها هيبة القانون وتنصب محاكم العدالة الناجزة في الأسواق والميادين وتطبق قانون من أين لك هذا.. حكومة تعرف أن الفقاعات لا مكان لها في سجل التاريخ فلا البلبل خلق نفسه ولا الغراب. وزراء كالرياح المرسلة تكنس أوكار الفساد والمفسدين. أخي عبد العظيم: في كل أمة كما يقولون دعاة إلى الإصلاح يقفون منها موقف المرشد والناصح ويعكفون على مشاكلها ليضعوا لها الحلول.. وعلى أمراضها ليصفوا لها العلاج وقد أصابنا اليأس من علماء هذا الزمان الذين لا يعرفون بعد أن ناموا على وسائد الموائد والشعب جائع - عليهم أن يعرفوا أن الإنسان إذا فقد نعمة العيش وضاقت به سبل الحياة انقلب ضارياً كالوحش أو جارفاً كالبركان فافتح بابكم ودع الأخ الرئيس يقرأ رأي الشعب في إدارة بلاده.. لعله يؤيد اقتراحي أو يطالبني بالمثول أمام محكمة الرأي العام.. فعندما توضع إرادة الناس تحت رحمة من اشترى نشاطهم تصبح مقطوعة مريرة من السخرية فجسد الوطن الوطن ينزف الآن ولابد من الحسم وحتى لا ينطبق علينا قول الشاعر محمد إقبال تجولت في أرض الأعاجم والعرب ما رأيت المصطفى ولكم رأيت أبا لهب والله المستعان أخوك: د. يحيى التكينة