أتابع منذ انتخاب الوالي عبد الرحمن الخضر، حديثه عن التحكم في الأسعار وتخفيضها، كل أحاديثه كانت من الناحية النظرية طيبة وبها نوايا حسنة ولكن على أرض الواقع لا أثر لها، بل ظلت الأسعار في ارتفاع يومي وأنا أعرف الدكتور عبد الرحمن الخضر، لأنه من «الغُريبة» ولي صداقات مع أهلها وعلى رأسهم السيد محمد عثمان خليفة الذي كان مديراً عاماً للبنك الإسلامي، وإدارياً فذاً على خلق وأخلاق، وكان حريصاً على التنمية وكنت نائباً له أتولى العمل المصرفي، ولذلك أرى أنني يمكن أن أدلي بدلوي في موضوع الغلاء والأسر الفقيرة والمعاناة. إن الولاية لوحدها لا تستطيع أن تنجز شيئاً في هذا المجال، وعليه يجب أن يكون له مستشارون من أمثال محمد عثمان خليفة، والوالي يعرفه تماماً ربما تكون هناك صلة قرابة بينهما. اقتراحي يتلخص في أن يقوم الوالي بإنشاء بنك ولائي لهذا الغرض بالذات، لأن البنوك التي أراها الآن ليست لها الإمكانات العقلية ولا الإحساس الوجداني لتنفيذ أي فكرة في هذا المجال، على أن يقوم هذا البنك بفتح فروع في كل محليات الولاية لتصل الخدمة للمحتاجين في أماكنهم، لأن البنوك الحالية لا يصل إليها إلا من هو قادر على الوصول، أما المساكين فليست لهم مقدرة إلا على التسول وانتظار الحسنة من المحسنين، ولذلك يقال في قول مأثور إن هذه البنوك تعطي المال لمن لا يحتاجه. وسنلخص كيف يعمل هذا البنك المقترح وفي أي مجال ليعين الفقراء والمساكين على الحياة الكريمة، وسنأتي لكل عمل بمثال تم في أرض الواقع وحقق نجاحاً. أولاً يجب أن نقول إن معاناة ارتفاع الأسعار تقع بنسبة 100% على الفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدود من صغار الموظفين وصغار الجنود في الأجهزة الشرطية وربما الجيش، أما كبار الموظفين ورجال الأعمال وكبار المستثمرين فلا يفرق معهم ارتفاع الأسعار، لأن رجال الأعمال هم أحد عوامل ارتفاع أسعار السلع وارتفاع سعر الصرف الذي بلغ وأنا أكتب هذا المقترح، خمسة جنيهات. لذلك فإن البنك المقترح يجب أن يوجه بالكامل إلى رفع المعاناة عن الفئات التي ذكرناها، ويقترح أن يسمى بنك الفقراء والمساكين الذين يرد ذكرهم كثيراً في القرآن الكريم. الموضوع الأول: يعمل هذا البنك في المجالات الآتية: ü تمويل المشروعات الصغيرة مثل تربية الدواجن البياضة في البيوت، وكانت لنا تجربة ناجحة في هذا المجال، فقد مولنا عدداً من النساء الفقيرات الأرامل واللاتي يعلن أطفالاً، فمثلاً في أمبدة مولنا امرأة أرملة تعول أبناءها ببطارية دواجن كانت سعتها 30 دجاجة بياضة، وكنا قد استوردنا هذه البطاريات من هولندا مع دكتور حسب الرسول الحاج سليمان رحمه الله، وهو صاحب مزارع كورال التي طورناها معه حتى صارت منتجاً للدجاج البياض والدجاج اللاحم. وحصيلة تمويل هذه المرأة أنها استطاعت أن تعول أسرتها من عائد هذه البطارية. ü وقد سمع السفير الهولندي هذه التجربة من الدكتور حسب الرسول الحاج سليمان وطلب أن يذهب ليرى بنفسه ما حدث، وأخطرنا الدكتور برغبة السفير وفعلاً ذهبنا معه السيد محمد عثمان خليفة وشخصي، ورأى بنفسه هذه التجربة، وأفطرتنا هذه السيدة من البيض، فقرر على الفور تمويل استيراد البطاريات من العون الهولندي. ü وأيضاً عملنا هذه التجربة مع الشرطة واستفاد منها عدد كبير من الجنود وحتى الضباط. ü وكررنا هذه التجربة في سنار، فقد وزعنا مجموعة من البطاريات بين سنجة وسنار تحت إشراف طبيب بيطري، استفاد منها ما لا يقل عن عشرين أسرة. ü وفي حلة كوكو مولنا عربات الكارو للعتالة.، وأيضاً في فرع حلة كوكو مولنا مشغلاً في مركز أبو حليمة الاجتماعي وزودناه بالماكينات لتشتغل بها عدد من النساء. ü وفي أم روابة مولنا عدداً من النساء الكفيفات لينتجن الطواقي والمناديل، فكفاهن الله شر السؤال. أريد أن اكتفي بهذه الأمثلة لكن ما قمنا به في البنك الإسلامي كثير. فإذا رغبت يا سيدي في أن نسير معك في هذا الموضوع سنعطيك المزيد وإن لم يرقُ لك الموضوع سنكتفي بهذا القدر ويرحمك الله ويرحمنا ويرحم جميع المسلمين. الموضوع الثاني: كيف يتم تكوين البنك؟ - يتم تكوين البنك برأسمال مناسب كبنك يحكمه قانون خاص تصدره الولاية كمؤسسة تعاونية بمساهمات يشارك فيها: رئاسة الجمهورية، ولاية الخرطوم، وزارة المالية الولائية، بنك السودان وأي من البنوك التجارية التي ترغب في المساهمة، ديوان الزكاة، المؤسسات التعاونية للعاملين في مختلف الوزارات الولائية، اتحادات العاملين، من يرغب من رجال الأعمال ومن يرغب من الجمهور الكريم، بنص في القانون على أن القوة الصوتية هي صوت واحد لكل مساهم مهما كانت مساهمته، ويجب أن يحدد حد أعلى من المساهمة لكل مساهم. - يوضع نظام أساسي لتمكين البنك من القيام بمهامه الأساسية، ويكون مقره الرئيسي ولاية الخرطوم ومقرات الفروع في المحليات، وذلك لتخفيض المصروفات وعدم الضغط على الإيرادات بمصروفات لا داعي لها. تحدد أجور العاملين على أساس: - حد أعلى لا يتجاوزه أي مسؤول للبنك. - وحد أدنى لا ينقص منه أي موظف حتى لو كان صغيراً أو عاملاً بحيث يوفر الحياة الكريمة للعاملين. - توضع الهياكل الوظيفية بواسطة لجنة تكون لهذا الغرض بحيث يمنع الصرف البذخي. - يتكون مجلس الإدارة من علماء وإداريين لديهم الخبرة في مثل هذه الأعمال و رقابة شرعية مقتدرة. - تعقد ورش لمناقشة كل القضايا التي تهتم بإنشاء هذا البنك. - في رأيي المتواضع يقوم شرعيون وإداريون ومصرفيون مقتدرون بوضع النظام الأساسي والأنظمة الداخلية للبنك. - ويتم اختيار الموظفين بواسطة لجنة مكونة لهذا الغرض خصيصاً. - تبتعد الولاية من إدارة هذا البنك تنفيذياً، وتتم مشاركتها في وضع السياسات والمراقبة الدقيقة من خلال ممثل في مجلس الإدارة. خبير اقتصادي ورئيس أسبق لنادي الهلال