عندما اتجهت إلى داخل قاعة المغادرة في مطار الخرطوم يوم الأحد الماضي، ولم يكن في ذهني صورة محددة لمن سيكونون رفاق الرحلة المتجهة إلى «أديس أبابا» بالخطوط الأثيوبية، ولم أكن أتصور أن الرحلة ستكون على متن طائرة فوكرز (50) تنطلق عصر ذلك اليوم، إذ إن معلوماتي- إلى ذلك الوقت- كانت تُفيد بأن رحلات الخطوط الأثيوبية بطائرات البوينغ تكون دائماً ليلية، ليصل المسافر إلى مطار «أديس أبابا»، فجر اليوم التالي. داخل قاعة المُغادرة، وقبل التوجه إلى البوابة رقم (4)، جاء إليّ شاب صغير السن، في عمر أبنائي، وجلس إليّ، وعرّفني على نفسه، وذكر لي أن اسمه «هيثم» وهو ابن مولانا القاضي محمد سالم شروني، فرحّبت به، وذكرت له أن والده مولانا محمد سالم وعمه القاضي أيضاً مولانا كمال، وكثير من أهله أصدقاء ومعارف بالنسبة ليّ، وفي مقدمتهم الأخ والصديق مالك الطيّب الدويح، رجل الأعمال المعروف، ثم أخذنا نتحدث في أمور عامة، إلى أن سألني عن أسباب سفري إلى «أديس أبابا»، فأخبرته أنني مغادر للمشاركة في تغطية أعمال المؤتمر الاقتصادي الذي تنظمه اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة، والذي يخاطبه رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي، في بداية أعماله. ثم.. سألت الابن «هيثم» عن أسباب سفره إلى «أديس أبابا»..، فقال لي إنّه في طريقه للزواج من هناك، حيث اتّفق مع فتاة أثيوبية وأهلها على الزواج خلال هذا الشهر. استبد بي الفضول لمعرفة تفاصيل أكثر، وسألته إن كان على معرفة بالعروس وأهلها، ضحك وقال لي إنّه تعرف على أسرتها في المملكة العربية السعودية، عندما كان يعمل هناك، وإن والدها رجل متدين، علم أبناءه وبناته أفضل تعليم، وربّاهم تربية مثلى تحفظهم وتقويّ من عودهم لمواجهة الحياة. وسألتُ الابن هيثم عن والده وإخوانه وأعمامه، ولماذا يسافر وحده في مهمة كبيرة تتصل بأمر حياته ومستقبله كله (!) - أجاب الابن هيثم بأن أهله على علم تام بكل ما سيقوم به، وقال إنه أخبرهم بأمر الزواج منذ وقت كافٍ، وأن أسرته باركت الزواج، إلا أن والده في «القاهرة» هذه الأيام لإجراء بعض المراجعات الطبية، وإن فرغ منها سيلحق به في «أديس أبابا» لينوب عنه في إجراءات عقد الزواج. وقال «هيثم» إن عقد زواجه سيكون بالأربعاء- قبل يومين- وإنه يدعوني لأكون شاهداً على هذا الزواج، وقال إن عمه مولانا كمال، ووالدته، وأشقاءه وأبناء عمومته، سيكونون حضوراً في ذلك اليوم.. ثم سألني عن عنواني، فأخبرته بأنني سأقيم في فندق كذا، وأن رقم هاتفي هو كذا.. وقطع علينا الاسترسال في الحديث، نداء الصعود إلى الطائرة. توجهنا نحو الطائرة، لأفاجأ أولاً بأنها طائرة صغيرة فوكرز (50)، ثم أفاجأ ثانياً بوجود الفريق أول عصمت عبد الرحمن، رئيس هيئة الأركان المشتركة، والفريق محجوب شرفي، رئيس هيئة الاستخبارات داخل الطائرة، فتساءلت بيني وبين نفسي عن أسباب سفرهما معاً إلى «أديس أبابا»، وهل للأمر علاقة بالاجتماعات المشتركة مع الجيش الشعبي (!).. طبعاً لم أسألهما وإن اكتفيت بتفسيري السابق، والذي علمت لاحقاً أنه لم يذهب بعيداً عن الحقيقة. وصلنا إلى «أديس أبابا».. وانصرف كل منّا لانجاز عمله ومهمته، وتمر الأيام لاستقبل صباح الأربعاء، هاتفاً من الابن هيثم، يؤكد فيه على ضرورة مشاركتي في حفل زواجه، وأخبرني بوصول أهله، وقدم لي عنوان منزل أسرة العروس، فلم يكن هناك إلا أن أدعو له بالتوفيق، وأعده بالحضور، وشهدتُ عصر الأربعاء- أول أمس- مراسم أبسط حفل زواج، كانت السعادة هي العنوان البارز فيه، وجدد لي العريس «هيثم» وأهله الدعوة لأن أشاركهما الفرحة والاحتفال بالزواج في الخرطوم خلال أيام، وقد وعدتهم خيراً. اللهم بارك لهيثم وعروسته «فائزة» ووالدها «محمد» وللأسرتين في هذا الزواج وأطرح عليهما بركتك يا رب العالمين.. آمين.. .. و.. جمعة مباركة