إهتم عدد كبير من الأصدقاء والزملاء، والقراء، بما جاء في هذه الزاوية، عن «بلقيس» ملكة سبأ، قبل أيام، وقد تكرّم أخي وصديقي الأستاذ (عادل) ابن أخي وصديقي المرحوم الأستاذ سيد أحمد خليفة، بمحادثة هاتفية، أشاد فيها بما جاء في تلك الزاوية، من حيث الطرح والموضوع، فأدهشت أخي وصديقي وزميلي العزيز الأستاذ عادل سيد أحمد- رئيس تحرير صحيفة «الوطن» الغراء- بأن قلت له، إن لدي من المعلومات، ما قد يغيّر (منصة) التاريخ، خاصة إذا أكد تلك المعلومات باحثون ومختصون في التاريخ وعلم الاجتماع، وهي مرتبطة ب«بلقيس» ملكة سبأ، التي قد تكون سودانية صميمة، وليست يمنية، والشواهد على ذلك كثيرة، أهمها وأبرزها إن تاريخ اليمن يسمّيها «بلقيس بنت شراحيل»، وكتاب تاريخ الملوك الاثيوبيين، يسميها ملكة سبأ، ومكانها قريب من «اكسوم». ويعّرف كتاب تاريخ الملوك الاثيوبيين، الذي إطلعت عليه ضمن كتاب (منهل العطشان في تاريخ الحبشان) لمؤلفه «سيّد بن محمد صادق الولُّوي»، يعّرف تلك الملكة، باسم «ماكدة» بنت «تواسيا» من زوجته «إيسمين»، وكانت شهيرة الاسم، حسنته، وهي والدة الملك منليك الأول، من سيّدنا سليمان عليه السلام، كما أشرنا في زاوية سابقة. ولكن ما رأي العلماء والباحثين والعامة، إذا أشرنا إلى أن ذات التعريف، يصف الملكة «ماكدة» بأنها ملكة عظيمة، تملك الشرق الأفريقي، من (حدود النوبة) إلى جزيرة «مدغشقر»، ومن اليمن إلى بحيرة «نيانزا» التي هي بحيرة «فيكتوريا» الآن، التي ينبع منها النيل الأبيض. ويقول التاريخ الأثيوبي- نصاً- إنه في أيامها كان تجار الهند، وبلاد العرب، وفلسطين ومصر، يغدون إلى أثيوبيا ويشترون منها الجواهر والذهب والعطور، لذلك انتشر في العالم صيت ملكة سبأ التي عاشت مائة سنة وسنة إذ ولدت في العام (1083) قبل الميلاد، وتوفيت في العام (982) قبل الميلاد، وحكمت لمدة (31) سنة. ويقول التاريخ الذي درسناه في المدارس إن اليونانيين أول من أطلق اسم (أثيوبيا) على البلاد التي تقع جنوب مصر، وهي تعني «ذوي الوجوه المحروقة» في إشارة إلى السواد. لذلك عندما نربط بين هذا المعنى، وبين توصيف حدود ملك الملكة «ماكدا»، الذي يبدأ من (حدود النوبة) إلى آخر نهاياته، ونجد أن هناك مملكة قديمة كانت في السودان باسم (سوبا)، وهي الأقرب إلى (سبأ)، إذا ما تم تحريف الاسم، فإن الملكة «ماكدة».. ستكون سودانية. القرآن الكريم، أورد قصة ملكة «سبأ»، ولم تكن هناك إشارة إلى الموضع الذي حدثت فيه القصة، سواء كان اليمن أو أثيوبيا.. وقد ذكّرني أخي الأستاذ عادل سيد أحمد، بضرورة الإشارة إلى ما جاء على لسان ملكة سبأ، عن طغيان الملوك إذا دخلوا القرية أو المدينة أو البلد، عندما أفتاها قومها عندما استفتتهم في أمرها كمجلس للشورى، بعد أن بلغها كتاب سيدنا سليمان عليه السلام، إذ أورد القرآن الكريم «قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون» صدق الله العظيم. قال الأستاذ عادل سيد أحمد، لابد من التذكير بهذه الآية، لأن الذي ورد على لسان «ملكة سبأ» هو سبب ثورات الربيع العربي. ونختم بما إطلعنا عليه في كتاب (منهل العطشان في تاريخ الحبشان) في الصفحة (365).. وهذا نصه:- «وجاء في رحلة الدكتور محمد نيازي، الطبيب لأحد الآليات المصرية بالسودان، سنة (1282ه) إنه سمع أحد الأطباء الأفرنج، يقول: قرأت في بعض المؤلفات القديمة أن ذلك المولود الذي هو منليك الأول بن سليمان كانت بلقيس تخاف عليه من قومها، فبعثته إلى مدينة سوبا ليربى بها، وسميت المدينة سبأ، ثم حرف الاسم إلى سوبا لتقادم الزمان». والله ورسوله أعلم .