الرحلات كثيرة ومتنوعة وإذا أردنا التعريف إيجاراً لكلمة (رحلة) فنقول إنها عبارة عن الانتقال من موقع إلى آخر.. مع مراعاة اختلاف (القصد) والزمان والمكان.. ففي بعض الأحيان تكون هذه الرحلة للعمل: نقلية- مأمورية- دعوة- مؤتمر وخلافه.. وأحياناً تكون خاصة.. وأحلاها طبعاً رحلة (شهر العسل).. أيضاً الرحلة العائلية أو النيلية أو الجمعة في شمبات- وأكثرها إثارةًً ودهشة عندما قال الشاعر: سيد عبد العزيم عليه الرحمة: يا حبيبي قلبي حاب.. رحلة بين طيات السحاب، أما رحلتي أنا (العبد الضعيف لله) فأظن أنها لا تقارن بأفخم واحدة مما ذكرت.. لأنها إحدى قواعد الإسلام الخمس.. أعني أنها رحلة إلى بيت الله الحرام.. رحلة إلى أقدس بقاع الأرض.. أرض الحجاز أو أرض المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين إذ هناك (تشمخ) الكعبة المشرفة لتمحو خطايا كل من طاف حولها مردداً الله أكبر.. ومن القلب والعقل معاً هذه المرة (وبدون نفاق).. الآن ساسرد لكم أحبتي القراء تفاصيل تلك الرحلة الممتعة والتي لا تقارن بشيء في هذه الدنيا، حيث سخر لي المولى عز وجل أن أكون أحد حجاج هذا العام 1432ه الموافق 2011م (وقد كان)، حيث استجاب الخالق لشكواي التي نشرتها بمقالتي في آخر لحظة (بعدد سابق) تحت عنوان (خوفنا أن ينحصر الحج على الأغنياء فقط) وقد كتبتها قبل أيام ولم يكن مجرد تفكير وارد في أن أكون ضمن حجاج هذا العام، ولكن سبحان الله يبدو أن المنادي قد نادى إذن فما على العبد إلا التنفيذ، وفي أيام معدودات استغليت فيها (التجهيز الحسن) عن طريق وكالة سنترال للسفر والسياحة جزاهم الله عنا كل خير مدرجاً اسمي ضمن (فوج التوابين) وبعد إكمال الإجراءات سلمونا بطاقة تعلق بالعنق راجين الالتزام بحملها طوال فترة التواجد بالأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، علماً بأن تقديم الخدمة للحاج بالمدينة المنورة ومكة المكرمة والمشاعر المقدسة كلها لا يتم إلا عبر هذه البطاقة وباختصار: جاء اليوم المحدد للسفر وتحركنا عن طريق مطار الخرطوم بواسطة ناقلنا الوطني (الخطوط الجوية السودانية) بطائرة مصرية (مؤجرة) أقلعت بنا من الخرطوم لتهبط بسلام بالمدينة المنورة في مدة (ساعة وخمس وثلاثين دقيقة) ليتم ترحيلنا إلى الفندق لتبدأ رحلتنا الدينية تلك.. والتي استمرت لثمانية عشر يوماً بالذهاب والإياب، أكملنا فيها الحج بجميع مناسكه بحمد الله.. راجين من العلي القدير تقبله منا مع الغفران والعمر المديد السعيد، ومع تمنياتنا للمملكة العربية السعودية بكل الخير تحت قيادة مليكها المفدى خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره أيضاً، متمنين لسوداننا العظيم وشعبه الكريم وحكومته كل التقدم والإزدهار.. وكشيء من الملاحظة بالحس الصحفي قد لاحظت أن السيد- الحاج عطا المنان رئيس مجلس إدارة آخر لحظة كان حاجاً بيننا، وجدته خطيباً بارعاً وواعظاً دينياً كبيراً وذلك خلال حلقة الوعظ التي قدمها بمخيم الحجاج بمنىً إذ كان يبكي أثناء الخطبة (بدموع الرجال)، حيث شد الناس اليه شداً كما تشرفت بمقابلة السيد عبد العظيم صالح مدير تحرير هذه الصحيفة حاجاً هناك، نرجو أن يتقبلها المولى منه ويعينه على (مهامه الصعبة)، كما لا يفوتني هنا أن أشكر كل من تعاون معي بالمملكة لانجازي مهمة الحج أذكر منهم الزميل- خالد محمد أحمد، والأخ التوم بود الحداد، والسيد محمد أحمد إدريس من رشاد، والسيد موفق بالضرائب، وإسحاق وفاتن وزوجها بمكة، وعطية الله ببري، وأيضاً الأخوان عماد ونجم الدين بالإدارة، وحسن أحمد بابكر.. وحمزة عثمان ناصر. وكخاتمة للمطاف نقدمها في شكل (نصيحة) لوجه الله تعالى لأنني حاج ولا أريد أن أدخل في المشاحنات والرفث والفجور وما شاكله، أقولها لناقلنا الوطني(طيران السودان) أكثروا حالياً من (تأجير الطائرات الأجنبية الفخمة) مع المعاملة الطيبة للرواد.. وأيضاً اشراك القطاع الخاص معكم باليد الأخرى، بقصد التمويل حتى تحصلوا على بناء اسطول طيران عالي (خاص بكم)، عندها سيشار اليه بالبنان، لأن ما تعرضنا له في اليومين الأخيرين بمدينة الحجاج بجدة نتيجة لتأخير طيرانكم أو عدم وجوده- إن صح التعبير- والذي إذا أردنا أن نصف معاناتنا منه وبدقة فلا يسعنا إلا أن نقول (إنه فوق طاقة البشر..!!). وأخيراً كل عام والجميع بخير والجايات أكثر من الرايحات مع سلامنا للجميع في البداية والختام. مهندس وعائد من الحج