أخيراً ظهرت أولى ملامح الجمهورية الثانية من خلال المشهد السياسي الجديد الذي جاءت فيه مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل واضحة، ليكون إضافة لمن سبق له الانضمام إلى الحكومة أو التحالف معها، من أحزاب وحركات ومجموعات تمثل كيانات أو جهات أو جماعات فكرية وعقائدية عارضت ثم هادنت.. فشاركت. موقف حزب الأمة القومي بقيادة السيد الإمام الصادق المهدي كان بين منطقتي الوضوح والضبابية منذ أن بدأ المؤتمر الوطني يغازل خصومه السياسيين، لينضموا إلى برنامج موحد متفق عليه، يسهم في إشراك الآخرين في إدارة الشأن الوطني، وتسيير دفة الحكم.. تلك المواقف المتأرجحة دفعت بعدد من ركائز وأقطاب الحزب إلى الخروج والمصالحة فالمشاركة، فجاء الدكتور أحمد بابكر نهار والدكتور عبد الله مسار والدكتور الصادق الهادي المهدي والسيد مبارك الفاضل المهدي، كل ب «جماعته» ليشكل كل منهم حجراً في فسيفساء منظومة الحكم، لكن آثر السيد مبارك الفاضل أن يعود إلى حزبه الأول رغم مشاركته الفعلية وتوليه منصب المستشار لرئيس الجمهورية، وضربت الانقسامات مجموعة الدكتور الصادق الهادي المهدي، الذي أوشك أن يحدث إختراقاً كبيراً في جانب وحدة أحزاب الأمة بإعلان توحيد مجموعته مع مجموعة الدكتور نهار. وسعي المجموعتين لضم مجموعة الأستاذ الزهاوي إبراهيم مالك الذي إنشق هو نفسه عن مجموعة السيد مبارك المهدي، وقد حملت كل مجموعة اسم «حزب الأمة» والحقت بالاسم صفة مميزة تفرِّق بينها وبين الأحزاب التي تحمل الاسم ذاته، فظهرت اسماء جديدة مثل «القيادة الجماعية» و «الإصلاح والتنمية» وغيرها. إذن حزب الأمة مشارك بفصائله المختلفة، وممثل في الحكومة وفي المجلس الوطني وبقية مؤسسات الدولة بدءاً من القصر الجمهوري الذي انضم إليه مؤخراً السيد عبد الرحمن الصادق المهدي ليصبح أحد مساعدي السيد رئيس الجمهورية، مروراً بمجلس الوزراء وبقية أجهزة الدولة بما فيها جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الذي انضم إليه أحد أبناء السيد الإمام ضابطاً برتبة رفيعة. المشهد السياسي الآن يختلف عما كان عليه عند بداية الإنقاذ واستيلائها على السلطة بإنقلاب الثلاثين من يونيو عام 1989م، ومختلف عما كان عليه قبل عشرة أعوام، ومختلف عما كان عليه بالأمس. نحن الآن نعيش مشهداً سياسياً جديداً، نأمل أن نتمكن من الاجتهاد ومحاولة الإحاطة به.. والتعرف عليه.