توابع سد مروي وهو مشروع قومي له مردوده وناتجه الكبير في الكهرباء وغيرها كثيرة والفكرة بدأت في الأربعينيات من القرن العشرين أو في عهد الحكم الثنائي وقبل الاستقلال، ولكنها لم تر النور إلا في العقد الأخير بعد دراسات فنية وإدارية شملت كل شيء تقريباً لتنتهي بدراسة جدوى وجدت التمويل والتقدير من الصناديق ومؤسسات التمويل العربية وغيرها. لقد أحدث المشروع تغييراً في المنطقة وفي الإمداد الكهربائي القومي، ومن تلك التغييرات المدن التي قامت جراء ما أحدث المشروع من تنقلات سكانية حتمتها الضرورة وتبعها انتقال في المجال الزراعي والاستثماري. وقد كانت لذلك كله ترتيباته وإجراءاته التي تمت بخبرة ودراية فنية محلية وخارجية. فنحن لسنا الدولة الوحيدة التي شهدت مثل هذه التجربة بل إن مشروع السد العالي وقد تم تنفيذه في مفتتح الستينيات من القرن الماضي قد كان لنا منه درسٌ وشاهد على توابع هذا النوع من المشروعات. والإخوة المناصير من ناحية أخرى وعملية، ليسوا وحدهم في المنطقة ممن تأثروا بسد مروي وهو في الغالب تأثير إيجابي لما أحدثه من نقلة في الزراعة والتنمية كما قلنا، ورغم ما يكون قد صاحب ذلك من سلبيات اتصلت بالتعويضات وغيرها-إلا أن السياسة ما دخلت في شيء إلا خرجت به عن مساره وأفسدته..! أعود بهذا إلى الإفادة الفنية التي أدلى بها مؤخراً الدكتور المهندس يعقوب أبو شورة وزير الري السابق والمهني الفني المخبور الذي دعا استناداً إلى خبرته وإلى مشورة من شركة كندية كانت قد أدلت بها لجهات الاختصاص في عام 1991 -أي قبل أكثر من عشرين عاماً- دعا إلى عدم الرضوخ للحلول التي لا تعتمد على رؤى فنية وعلمية. وهذا صحيح ويخدم المصلحة القومية والمصلحة الخاصة بالإخوة المناصير.. بيد أن الأمر وقد غشيته السياسة وتسربت إليه بات يتعين تنزيهه من ذلك، والعودة به عبر عقلاء ومنصفين وخبراء إلى مساره الصحيح الذي سار فيه وعليه قبلهم آخرون في المنطقة والعالم بطبيعة الحال. فهم ليسوا وحدهم.. وسد مروي ليس التجربة الأولى ولا الأخيرة.. وتراكم التجارب يهدي السبيل.. ولعن الله ساس يسوس..!