الضوضاء هي السمة المميزة لحياتنا العصرية.. فهي تحاصرنا في كل مكان، وتدفعنا إلى التوتر والعصبية دون أن نشعر؛ مما يعرضنا لمخاطر ارتفاع ضغط الدم، وتسارع ضربات القلب.. وإذا كان من الصعب إزالة مصادر الضوضاء، فلا أقل من أن نتجنب التعرض لها ومحاربتها بكل الأسلحة المتاحة. إن الضوضاء صار حولنا في كل الأماكن، في السوق تسمع الباعة المتجولين يستعملون الميكروفونات لترويج السلع، وأنت في المنزل وقت الراحة والنوم تسمع من يلف بالعربة، وهو يحمل أنواعاً من البضائع، ويروج لها بأعلى صوته، عند ركوبك العربة أوالرقشة في الشارع حتى البيت...وعند ...وعند. وكل هولاء لايراعون حرمات المرضى في المستشفيات، ولا أماكن العبادة، ولا المدارس والجامعات. ثم ألا يعلم هؤلاء الذين يُحدثون الضجيج، كم من مريض في البيوت يحتاج إلى الراحة والنوم، أو شيخ مسن مضطرب في نومه، أو كم من طالب علمٍ يحتاج إلى الهدوء والمذاكرة.. إن مثل هذه الضوضاء ورفع أصوات المكبرات، لا تتنافى فقط مع الذوق السليم والإحساس بالمسؤولية، بل هي ضد الدين والمبادئ والأخلاق، علاوة على إحداثها للعديد من الآفات والعاهات الصحية في المجتمع. ولا شك أن الضوضاء هي من أسباب التوتر النفسي والقلق في المجتمعات، لكن الضوضاء لم تعد مشكلة نفسية فقط، بل أصبحت مشكلة جسمانية، فهي تؤثر على أعضاء السمع، وعلى أعضاء الجسم مجتمعة، حتى أن الإسلام والطب يحاربان الضوضاء ورفع الأصوات.