يبدو أن البنك المركزى قد جرَّب كل وسائل ضبط التعامل مع النقد الأجنبي خارج البنوك والصرافات العاملة بالبلاد، ولم تفلح وسائل ضبطه إلا بتجريب وسيلة أخيرة، ربما يعمد من بعد ذلك الى إجراءات لا تسمح لأي مواطن أن يحمل نقداً أجنبياً فى يده ولو كان مسافراً. فالقرار الأخير الذى أصدره البنك المركزى، والخاص بتسليم المبالغ المبيعة نقداً للمسافرين داخل صالة المغادرة بمطار الخرطوم، وهو بأن تقوم شركة الصرافة بمقرها باستلام المقابل المحلي من الشخص المسافر، وتسليمه إيصالاً بالمبلغ المعادل بالنقد الأجنبى، موضحاً فى الإيصال الاسم رباعياً، كما هو بجواز السفر، إضافة الى رقم الجواز وتاريخ السفر، ومن ثم ترسل هذه المعلومات مع المبالغ المبيعة بالنقد الأجنبي الى المكتب المخصص للتسليم فى المطار، وذلك بعد اكمال اجراءات السفر واستلام بطاقة الصعود الى الطائرة. بالله عليكم أي عبقرية هذه التى تفتقت لإصدار هذا القرار، لتزيد معاناة المسافر، الذى لن يضمن سفره حتى بعد حمله لبطاقة صعود الطائرة، لأنه يتوقع احتمالات خطأ أو تقصير، وما أكثرها فى التعامل مع كل النوافذ الخدمية بالبلاد، قد يحدث خطأ من موظف مركز الصرافة فى معلومات الايصال فيمنع الصرف، وقد يتوقع لظروف ما قفل الصرافة لأبوابها، أو نوم الموظف المختص عند موعد اقلاع الطائرة، أو أن المبالغ اليومية المخصصة للجمهور قد نفدت، أو أن العملة التى يرغب فى السفر بها غير موجودة لدى الصرافة.. الاحتمالات عديدة مهما وضع البنك المركزى من اجراءات. لماذا كثرة الاجراءات على المسافر، ألا يكفي أنه مسافر، والسفر هو قطعة من نار، كما روت السيدة عائشة رضى الله عنها، (السفر قطعة من النار). معظم من يلجأون مضطرين الى هذه الإجراءات من المسافرين هم من المرضى، الذين يطلبون العلاج بالخارج، أما طلاب السياحة وقضاء الإجازات بالخارج، فالقليل منهم من يتعامل مع نقد البنك المركزى. هذا القرار فضلاً عن زيادته لمعاناة المسافرين، سيزيد من التعامل بالنقد الأجنبي خارج الأطر المسموح بها، وسيرفع سعره، وأفضل لأي مسافر الحصول على نقد أجنبي مضمون، وبأي سعر لضمان سفره، بدلاً عن استلام ما يحتاجه عند سلم الصعود للطائرة. البنك المركزى والجهات المعاونة له عليها أن تبحث عن حلول نافذة، لا أن تفاقم المشكلات التى تؤدي الى معاناة المواطنين.