في أمثالنا وحكمنا العربية الكثير الذي يذكرنا بها، ولاسيما في مجال السياسة وأنظمة الحكم.. فمن يعود إلى الوراء عندما كان العراق تحت حكم الرئيس صدام حسين، الذي مشى عليه الغزو الأمريكي بالآلة الأمريكية الضخمة، وأدخل البلاد من بعد في مرحلة إنهيار كامل أمني واقتصادي وسياسي وثقافي واجتماعي، علاوة على الأرواح الكثيرة التي أزهقت، ثم ينظر اليوم وقد انسحب الجيش الأمريكي الغازي إلى عدم الاستقرار الأمني، وظهور النزعة الطائفية، والتفجيرات الماثلة في العاصمة بغداد وغيرها فجر يوم الخميس الماضي- لا يملك إلا أن يقول: مابكيتم من شيء إلا بكيتم عليه..!. لقد كان نظام الرئيس السابق (صدام) برغم ما اكتنفه من غياب للحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وغير ذلك كثير، هو الأفضل في العراق في عصره الحديث، من حيث التقدم الاقتصادي والعلمي والقدرات الدفاعية، وربما قبل ذلك الاستقرار، وإن كانت البلاد قد شهدت حرباً طويلة مع إيران فقد فيها العراق الكثير، إلا أنه مع ذلك خرج منها بغير قليل من المقدرات والمقومات، جراء الدعم الذي لقيه من المجموعة الخليجية والولايات المتحدةالأمريكية، حيث كان للطرفين مصلحة في ألا يختل التوازن الأمني والعسكري والثقافي والاجتماعي في المنطقة، ولإيران وضعها الخاص في ذلك كله. أما اليوم والحال على ماهو عليه كما نراه ونشاهده ونسمعه بل نقرأه من خلال المعطيات والأحداث، فإن العاقل في العراق وخارجه لابد له أن (يترحم) على نظام الرئيس صدام، الذي غربت شمسه، وليس في الأفق مايشي بأن خيطاً من الضوء سيظهر في نهاية النفق- وقد شب النزاع واشتعلت ناره بين رئيس الوزراء المالكي، ونائبه السابق طارق الهاشمي، فلكل تيار سياسي وثقافي له مطامحه وتطلعاته بعد رحيل المحتل أخيراً، ومن ثم حدث ما حدث من تفجيرات أودت بحياة الكثير من الأرواح. ونظام الرئيس صدام ليس وحده مما شمله المثل العربي المذكور، وإنما هنا في السودان عندما أطاحت ثورة اكتوبر بالفريق عبود، لم يعدم من يهتف خلفه، وهو يتضح في سوق الخضار بالخرطوم (ضيعناك وضعنا معاك..) وصدق من قال مابكيتم من شيء إلا بكيتم عليه..!.