إنها حكاية رمز يتوقف عنده التاريخ، ومفكر لكل أبناء الشعب السوداني.. وسياسي ضليع ومفكر وقائد، وأول رئيس وطني رفع علم الاستقلال وبنى الوطن ووضع لبنات الحكم رغم أن المعارضة لم تمهله كثيراً! «آخر لحظة» في إضاءات تاريخية بمناسبة الذكرى «56» للاستقلال المجيد تسلط الضوء على الجوانب الشخصية للزعيم الأزهري الرجل الوطني وكيف كانت حياته وماذا قال عنه أصدقاؤه ولمحات عن سيرته العطرة واللحظة الأخيرة من حياته ويوم وفاته وتشييع جثمانه.. السيرة الذاتية ولد الزعيم إسماعيل الأزهري في مدينة أم درمان في العام 1900 أي بعد معركة كرري بفترة وجيزة وفي تلك الفترة كانت الدولة المهدية قد انتهت وبدأ الحكم الثنائي تحت سيطرة كتشنر ورودر سلاطين مؤلف كتاب السيف والنار في السودان. وقد قام برعايته وتربيته جده لأبيه إسماعيل الأزهري الكبير وكان قاضياً شرعياً حيث أن والده سيد أحمد الأزهري توجه إلى الأزهر الشريف للدراسة. تعليمه: لم يدخل مدرسة نظامية ولكنه التحق بمدرسة الشيخ الطاهر الشبلي بمدرسة الهداية بأم درمان لفترة ومنها جلس لامتحان المدارس الوسطى والتحق بمدرسة أم درمان الوسطى ثم انتقل جده الى مدني قاضياً هناك فذهب معه وأكمل المرحلة الوسطى بمدني.. أسرته وأبناؤه: تزوج من السيدة الفضلى مريم مصطفى سلامة «حفظها الله» وله من البنات خمس وولد واحد والبنات هن سامية ست البنات، آمال، سمية، سناء وهما توأم وأما جلاء فهي الصغرى واسمها نبع من الاحتفال بيوم الجلاء 1950 ثم محمد وهو الابن الوحيد عليه الرحمة والأسرة تفرقت بها السبل فسناء في أمريكا وآمال في الإمارات وبعضهم في السودان. والد جده: هو السيد أحمد الأزهري درس في الأزهر وعمل استاذاً في الأزهر وله مؤلفات كثيرة السيد حسن كان الجد المباشر للأزهري وكان رئيساً لقسم الفقه المالكي في الأزهر وعارض الثورة المهدية وقتل يؤكد ابو سليم في كتابه الحركة الفكرية في المهدية أن معارضته تقوم على ثقافته الأزهرية. أبرز أعلام الأسرة: من أبرز أعلام الأسرة السيد مصطفى البكري جده، أول من دفن في مقابر البكري في أم درمان له مدائح وديوان في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم. اسماعيل عبد القادر الكردفاني درس في الأزهر الشريف وهو مؤلف الكتاب الشهير المستهدي بسيرة الإمام المهدي وهو والد أم الزعيم الأزهري. هناك الشيخ محمد البدوي شيخ الإسلام جد الرئيس الأزهري وقد كان استاذاً لعدد كبير من مشاهير السودان.. جد الأسرة الكبير الشيخ إسماعيل الولي المعروف ب(جنويل كردفان). وهو معلم ومربي وله مؤلفات ومدائح عديدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان سلاطين دار مساليت يرسلون ابناءهم لتلقي العلم على يد إسماعيل الولي وله أشعار واكثر من 60 مؤلفاً مطبوع ويقول في كتابه: نحن رموز لم تفهم ونحن جفان من نوم ونحن جبال يرسينا السب الخلف والشتم عاش وولد في كرفان في العام 1793 توفى العام 1868 نشاطه السياسي: عند قيام إضراب كلية غردون الشهير في العام 1932 شارك الزعيم بمساندة الاضراب مع عدد من الأساتذة السودانيين وبعدها ظهر نشاطه السياسي بوضوح في الاجتماع التاريخي لمؤتمر الخريجين في 12 فبراير 1938 حينما تجمع اكثر من الف خريج اجتمعوا في الاجتماع التأسيسي للمؤتمر وكان الزعيم الأزهري رئيس اللجنة التمهيدية وتحدث عن الوحدة الوطنية والقومية في ذلك الزمان الباكر «مرجع صحيفة النيل 14-15/2/1938». وأصبح الأزهري سكرتيراً لمؤتمر الخريجين حيث كانت الرئاسة دورية الا أنه كان سكرتيراً دائماً. وعندما أصبحت الرئاسة مستديمة أصبح رئيساً لمؤتمر الخريجين وكان المؤتمر يشكل من مجموعات حزبية كبيرة وكان الأزهري يرأس أكبر هذه الأحزاب وهو حزب الأشقاء. اختير الأزهري رئيساً لوفد السودان للقاهرة في العام 1946 كان رئيس الوفد السياسي الذي انطلق من مؤتمر الخريجين العام. وكان رئيساً لحزب الأشقاء عندما دمجت الأحزاب الاتحادية في العام 1953 أصبح الأزهري رئيساً للحزب الوطني الاتحادي. دخوله السجن: بعد اتفاقية 1953 بين مصر وبريطانيا وثورة يوليو 1952 في مصر بقيادة اللواء نجيب واعتراف الاتفاقية لأول مرة بحق تقرير مصير السودان. جاءت انتخابات في ذلك الوقت وفاز حزب الأزهري بالأغلبية المطلقة في أواخر 53 وشكل الحكومة منفرداً حيث كانت هذه الانتخابات برئاسة دولية «المستر سوكو وارسن» هندي الجنسية رئيس لجنة الانتخابات وقد نال حزب الأزهري 51 من 97 مقعداًوشكل الحكومة في تلك الفترة. حكم على الأزهري بالسجن لمعارضته للجمعية التشريعية في العام 1948 وسجن مرة أخرى قبل قيام البرلمان كما سجن ايضاً في مظاهرات ضد الجمعية التشريعية. وسجن الأزهري بواسطة حكومة عبود مع السياسيين عندما رفعوا مذكرة بعودة الديمقراطية مع عدد من السياسيين ونقلوا الى جوبا في اوائل الستينيات كما سجن بواسطة انقلاب مايو في العام 69 وحتى وفاته في اغسطس من نفس العام وكان رئيساً لمجلس السيادة. القضاة الذين حاكموه : حاكمه القاضي محمد ابراهيم النور والقاضي محمد احمد ابو رنات ورغم ذلك عينه الأزهري رئيساً للقضاء بعد الاستقلال ليثبت بأنه لا يحمل حقداً على أحد، ايضاً قام بتعيين السيد بابكر الديب الذي كان أكبر سوداني في الشرطة التي تعمل مع الاستعمار سفيراً للسودان في القاهرة وذلك يثبت بأنه لا يحمل حقداً على احد. رئيساً للوزراء: انتخب إسماعيل الأزهري في 6 يناير 1954 رئيساً للوزراء واول وزير داخلية وتمكن الأزهري من سودنة منصب وكيل الداخلية وهو أعلى منصب في السودان بعد الحاكم العام عين فيه الضابط الإداري محمد محمود الشايقي وكيلاً لوزارة الداخلية كما قام بترقية ضابط الجيش احمد محمد الجعلي الى رتبة فريق وتعيينه قائداًعاماً للجيش السوداني. مؤلفاته: الف الأزهري كتاباً باسم الطريق الى البرلمان وهو مرجع للنظم الديمقراطية في الاتحادات والنقابات. ويتمتع بذكاء قوي وذاكرة فوتغرافية. وفاته: توفى الزعيم الأزهري في اغسطس 1969 بالمستشفى الجنوبي بالخرطوم الغرفة «19» وشهد يوم تشييعه حضوراً كبيراً للمواطنين الذين تدفقوا من كل حدب وصوب وتقاطروا من كل الاتجاهات ووصل قطار من عطبرة مليء بالناس وكان الجميع في حالة حزن شديد لرحيل زعيم الأمة ولم تنجح السلطات حينها في إيقاف المد البشري الذي اظهر مدى حبه للزعيم ودفن بمقابر البكري بأم درمان ووري هناك الثرى ولكن تبقى ذكراه دائمة في مخيلة الشعب السوداني باعتباره اب الاستقلال والوطنية ورافعاً لعلم الحرية.