جاءته في غفلة من الزمن بعد إنطلاق العد التنازلي للعمر ، صبية معجونة من نبع النسيم ، صبية تطاردها ضحكة ترتمي على ضفاف الأيام ، أيقونة تختصر الحزن في إبتسامة ، لونت كرارسيه بخربشات سريالية ، سرقته من تأملاته وشكلته عصفورا جناحاه كأشعة القمر . في البداية خاف أن يشعل فانوس عشقه في حضرتها لكنها إستطاعت أن تصطاده مثل يمامة في خضم الأعصار . طوته بين جناحين من نور ،طرقت أبواب صمته في مساء ساحلي ملون بالغيم ، هتفت بإسمه من متاهة تغيب فيها الظلال ، في البداية عاند قلبه وضربه بالمرزبة ، وحاول أن يركض بعيدا مثل نجمة حزينة تأكل الصمت في آخر الشتاء ، رمت في سلال أيامه وردة بنفسجية ، حاصرته بالأسئلة وطرحت في جدول يومياته حكايا من شرفة العمر . حاول أن يهرب منها ، ركض مثل بعير في متاهة الشمس ، لحقت به ، وكسرت أجنحته ، ووجد نفسه أخيرا ، مثل ببغاء في قفص من سلاف الغيم ، بعدها حاول الرجل إستخدام سكين الصراحة ، همس في شرفة أيامها أنه لا يمتلك قرار قلبه ، وأن ثمة أقمار تطارده وتزرع في منافي أيامه أشجاراً وغيوماً وأشواك ، ضحكت اللئيمة ، وأقسمت أنها تمتلك ، مفتاح أسراره وتعرف كيف تتجاوز مطبات المستحيل . راهن أنه سيهرب منها ، يعرف تماما أن قلبه عنيد وعصي على الإستسلام . حينما رفضت اللئيمة مغادرة ساحاته هتف الرجل من أقاصي العمر ليه ما جيتي بدري بدري شويه بدري ليه ما جيتي بدري قبال السفر جيتي سكنتي قلبي في الزمن الخطر أطلقت اللئيمة ضحكة مثل سمفونية هاربة من مخزن الأيام ، أقسمت أنها تعشق الخطر والمغامرة ، وأنه لن يستطيع الإفلات من قبضتها الناعمة ، إكتشف إنها إمرأة تعشق التحدي ، مازحته أنه لو حاول الهروب من فضاءاتها ستقتله من الوريد إلى الوريد ، هددته وهي تلقي على مسامعه ضحكة خارجة من غرفة القلب . تحسس الرجل عنقه وتذكر سيناريوهات قتل الرجال التي راجت في مصر في تسعينيات القرن الماضي وراح ضحيتها عشرات الرجال على إيدي نسائهم وهي الظاهرة التي عرفت بجرائم تقطيع الرجال . نحمد الله أنه في تلك السنوات لم تتسلل ظاهرة قتل الرجال وتمتد جنوبا إلى السودان ولو حدث ذلك لكان الآن مئات الرجال ينامون بسلام تحت التراب المهم ، كشف للبنفسجة الجميلة أن ثمة إمراة أخرى تحتل مساحة قلبه ، قالت أنها لن تغادر وستظل تحتل جزء من مشاعره المرهقة ، كشفت له أسرار علاقتها مع الزهور ، حدثها عن أبجديات عشقه ، وسر حزنه الدفين ، وكتب في كراسة أيامها حكايات ، بلغة البنفسج ، دهمته الصبية ذات مساء وهي تطرق أبواب صمته الكبير . عزمته على ضفة الغيم ، إستجاب الرجل لدعوتها ، إكتشف إنها صبية باذخة ، سهر على ضفة عينيها وكتب ملحمة من نور .