أسرة رئيس الدولة، تعتبر أحد مقومات استقرار الحكم إن صلحت وصلح تعاملها مع أفراد الشعب، وقد طالعت حديثاً أجرته صحيفة (الأهرام) المصرية أمس مع الدكتور ياسر عبد القادر، الطبيب المكلف بمتابعة الحالة الصحية للرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، كشف من خلاله عن نية سابقة له بالتخلي عن مسؤولية متابعة الحالة الصحية للرئيس السابق مبارك بسبب تعامل قرينته السيدة سوزان ثابت، معه بغرور وعصبية في كثير من المواقف، وقال إنه لولا طلب المحكمة تقاريراً عن حالة الرئيس السابق مبارك بشكل دوري، ولولا أنه يتابع الحالة منذ البداية لتخلى عن تلك المسؤولية بسبب أسلوب زوجته. الدكتور ياسر عبد القادر أضاف لما سبق أنه إذا كانت أجهزة الأمن قد تعودت على هذا الأسلوب فإن الأطباء يرفضون هذه الطريقة، ولكنهم يراعون حالتها - يقصد سوزان ثابت - النفسية. حقيقة لا أعرف الرئيس المصري السابق مبارك أو أيّاً من أفراد أسرته إلا تلك المعرفة العامة القائمة على معلومات توفرها أجهزة الإعلام المصرية أو الأجنبية، والأولى توفر المعلومات الإيجابية عن الرئيس خلال فترة حكمه، خاصة الأجهزة والصحف الرسمية، أما الثانية فتحاول أن تعمل بمهنية عالية في نقل الخبر أو نشر الرأي أو تحليل الآراء والمواقف. ولم التقِ بالسيد حسني مبارك إلا مرة واحدة عندما زار السودان في أعقاب نجاح انتفاضة (رجب / أبريل) عام 1985م التي أطاحت بالرئيس السابق جعفر نميري - رحمه الله - وكان في استقباله المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب، والتقينا به نحن مجموعة محدودة من الصحفيين في مطار الخرطوم أمام القاعة الرئاسية القديمة، ومعه وزير خارجيته آنذاك السيد كمال حسن علي وعدد من المسؤولين، بينما كان عدد الصحفيين قليلاً إلى أدنى حد، وخرجت يومذاك بانطباع ظل يلازمني طويلاً عن الرئيس مبارك، وهو أنه عظيم الحساسية تجاه كل ما يمس النظام في مصر، وشديد العصبية إذا ما وجه إليه انتقادٌ ما.. وبنيت ذلك على سؤال طرحه عليه زميلنا الأستاذ فتح الرحمن النحاس عن موقف (النظام المصري) من احتضان (الرئيس المخلوع) جعفر نميري، أو كما جاء في سؤال الأستاذ النحاس بمفرداته. هنا انتفض الرئيس مبارك، الذي لم يكن يفصل بيننا وبينه فاصل واهتز من الغضب وقال يخاطبنا جميعاً: (أنا أرفض أي حد يقول لي النظام المصري.. يقولي مصر، وما يقوليش النظام المصري).. ورفض الإجابة وتم فض المؤتمر الصحفي المصغر قبل أن يبدأ. أما في السودان فالأمر يختلف عندنا كثيراً، لأنني أذكر ومنذ طفولتي أن إحدى شقيقات الرئيس الراحل الفريق إبراهيم عبود كانت جارة لإحدى جداتي في مدينة بورتسودان، وكنت أعجب من أنها شقيقة الرئيس إذ كنا نتخيل الرئيس شخصاً غير البشر، وعرفنا لاحقاً بعض أبناء الفريق عبود، وما كان هناك فرق بينهم وبين غيرهم، إلا بالتقوى والعلم وحسن الخلق. واتشرف كثيراً بأنني أعرف الكثيرين من آل الأزهري، بل أن الراحل الزعيم بن الزعيم محمد إسماعيل الأزهري كان زميل دراسة في عدة مراحل درس معنا، ولا فرق بينه وبين غيره، وكذلك بقية أفراد الأسرة الذين نعتز بعلاقاتنا بهم وبأصهارهم وأنسابهم وأقاربهم، هم أسرة سودانية صميمة لا فرق بينها وبين بقية الناس.. وكذلك أسرة رئيس الوزراء الأسبق الراحل الأميرلاي عبد الله بك خليل، الذي ظل باب منزله مفتوحاً للجميع حتى بعد وفاته وقد قام ابنه الدكتور أمير مقامه.. وهكذا بقية أسر الزعماء والرؤساء في السودان، مثل أسرة الرئيس الراحل نميري رحمه الله الذي كنا نخرج ضد حكمه في المظاهرات ونقدم الشاي والقهوة في مأتم الأسرة، وتربطنا علاقات وطيدة مع أهله أجمعين، ومثله السيد الصادق المهدي، آخر رئيس وزراء قبل الإنقاذ وأسرته الكريمة، وكذلك الزعماء والساسة والوزراء وأعمدة البيوتات الدينية الكبيرة، الذين لم نشعر يوماً بأنهم ليسوا منا... والآن نجد أسرة الرئيس البشير وعائلته الكبيرة وأسر كثير من الحكام الذين جاءوا من بين الناس، وأهل السودان يعرفون جيداً كيف يفرقون بين الخاص والعام.