مفوضية شمال السودان لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج تعتبر إحدى آليات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، بالإضافة إلى اتفاقيتي سلام الشرق ودارفور، واستطاعت المفوضية من خلال برامجها المتعددة أن تخلق بيئة ساهمت في تحقيق السلام والاستقرار وبناء الثقة، و مخرجات التجربة السودانية في هذا المجال واسعة وثرة، ولذلك طالبت ليبيا السودان بتقديم خبراته لمساعدة الحكومة الليبية في الاستفادة من تجاربه الناجحة في إعادة ادماج المقاتلين، وأعلنت المفوضية جاهزيتها لدعم ليبيا وكل دولة تطلب المشورة، حقيقة هذا اللقاء لقاء استثنائي وكان من المقرر إجراء حوار مع الدكتور سلاف الدين صالح، إلا أننا فوجئنا باستقبال المفوضية لنا بكافة أركان حربها ورؤساء الوحدات الإدارية، وهذا إن دل إنما يدل على حرص المفوضية على تمليك المعلومة الصحيحة من أهل الاختصاص... في هذا الحوار مع دكتور سلاف الدين صالح محمد المفوض العام لمفوضية شمال السودان لنزع السلاح والتسريح وإعادة الادماج، كشف لنا عن تجاوزات الحركة الشعبية في تجنيدها لبعض الأطفال في مناطق كردفان والنيل الأزرق، كما كشف الكثير المثير في هذا الحوار عن خطط المفوضية في تنفيذها للعديد من البرامج، فإلى مضامين الحوار: هل ترى أن المفوضية حققت رضا وطموحات المسرحين؟ - هنالك رضا معقول ولا ندعي أن برنامج DDR حل كل مشاكل المسرحين فمثلاً عندما كان المعاقون في القوات المسلحة يغلقون شوارع الخرطوم استطعنا إستدانة مبلغ معقول من بنك التنمية، وهنالك تقدير جيد جداً دون درجة الاعتبار للمسرحين والتجربة العالمية تتحدث عن عطاء فردي لشخص، ونحن في التجربة السودانية ربطنا العطاء الفردي بحزمة من العدد الإدماجي الجماعي وتمليك الشخص مشروع وربطه بجمعية تعاونية حتى عند فشل المشروع الشخصي، وربطه أيضاً بالتمويل الأصغر.. والآن ننشيء شركة كبيرة للتعاونيات للمعاقين وتم ربطها بالتمويل الأصغر وتمويل البنوك العادي، وعندما يفشل الشخص لأسباب خارجة عن إرادته يمكن للمشروع حمايته اقتصادياً، ونلاحظ ان مبلغ 3 آلاف للمشروع الفردي الذي تدفع حكومة السودان جزء منه والمجتمع الدولي الجزء الآخر بسيط لا يضمن استقرار المشروع، لذلك تم ربطها بمشروع تعاونيات ومشاريع تمويلية أخرى تساعد الشخص على تجاوز أي فشل يمكن أن يحدث في المشروع الاقتصادي. هل المفوضية مستعدة لنقل التجربة السودانية في دول أخرى مثل «ليبيا» إذا طلب منكم ذلك؟ - زارتنا الحكومة الليبية ورددنا لها الزيارة، وأيضاً هنالك تصريحات قوية من الجانبين كان آخرها تصريح الرئيس في ليبيا بأن السودان لديه تجربة في إعادة إدماج المقاتلين وهو جاهز لذلك، ولدينا لجنة موثقة من المفوضية والشركاء ومؤسسات أكاديمية في مجال التخطيط الإستراتيجي بما يلي برنامج DDR وبرامج أخرى، وسنقوم بزيارتين لليبيا للتعرف على طبيعة التحدي في ليبيا، وكما يقال فإن كل تجربة تمتاز بطبيعة مختلفة ونحن سنقدم لها تجربتنا، والقرار والخيار سيكون للشعب الليبي والحكومة الليبية في اختيار ما يناسبها.. وليبيا هي من أوائل الدول التي طلبت منا تقديم خبرتنا ولدينا عدد من الكوادر التي تتمتع بالكفاءات لمساعدة الحكومة الليبية. هل تتوقع أن يتم تمديد فترة المفوضية بعد عام 2013م؟ - نحن لا نريد تمديد فترة المفوضية فنحن حريصون على إنهاء عملنا قبل 2013م، وإذا وفرت الدولة الالتزام العملي والشركاء الدوليون الالتزام المالي والتمويل، نؤكد القيام بتنفيذ العمل بنهاية 2013م ولا نتوقع بأننا نحتاج لمزيد من التحدي، وكل أمر محدد في حينه. الإنجازات التي حققتها المفوضية هل أنتم راضون عنها؟ - نحن راضون تماماً وكل العاملين بذلوا كل جهدهم وفكرهم للإيفاء بما يلينا من دعم عملية السلام، ومتأكد أن المفوضية من خلال عملها استطاعت دعم برامج عملية السلام لأنها أقوى صوت لدعم خيار السلام إذ نبهت جميع المجتمعات بحرمة الدماء وتحريمها للحرب ونعم للسلام وأن وجود السلاح خطر على الأسرة والمجتمع والدولة.. والآن لدينا حزمة تدريب لكل المستهدفين المسرحين والشركاء من المنظمات وقمنا بتأهيل 53 منظمة طوعية وطنية وهذا من أكبر الإنجازات وهذا العمل لا يمكن أن يتم دون وجود الدعم الرئاسي الذي وجدناه من الوزارات المختصة والولاء والمعتمدين والأحزاب السياسية الأخرى التي تقدر أهمية هذا العمل.. ونحذر من استخدام السلاح. هل لديك رسالة تود توجيهها؟ - لدينا مؤتمر إقليمي لدول الجوار العربي للسيطرة على الأسلحة الثقيلة والخفيفة بالتعاون مع وزارة الداخلية.. ورسالتنا للمجتمع السوداني أن يتقوا الله في أنفسهم ومستقبل السودان والحفاظ عليه وكل التجارب والعمليات العسكرية والالتزام بها وأن تتصدر أمهات السودان هذا النداء، وتوجيه الأبناء بأن لا عودة إلى دائرة الحرب والاعتداء على الحرمات والأرواح.. وأناشد كل المجموعات المعارضة بعدم تجنيد الأطفال، وهذه مسؤولية إنسانية وقانونية.. أيضاً المجتمع الدولي خاصة الدول الغربية للأسف ترسل رسائل سالبة بتوقفها المرحلي عن دعم هذا البرنامج، ونطالبها بالوفاء بالتزامها لدعم عملية السلام التي مازالت هناك بعض الفقرات والمشاريع لم تنته انتهاءاً تاماً..ولكن نؤكد لهم كجهات وطنية أننا ملتزمون بتنفيذ هذا البرنامج. ما هي الأنشطة التي تضطلع بها المفوضية والقطاعات الإدارية؟ - أنا على قناعة قوية بأن ما نقوم به مكمل لاستقرار الدولة، كمعالجة قضايا الفقر ومحاربة الفساد الإداري والمالي والحكم الراشد واحترام القانون..و بلا شك ما نقوم به من عمل وما لم يلتزم الشعب السوداني من حكام ومحكومين بالالتزامات الدينية والأخلاقية، ولا تستطيع أن تأتي بمعالجة الوضع السوداني فهو مربوط بكل أخلاقيات المجتمع فكل هذه القضايا تؤثر على تنفيذ هذا البرنامج ما لم يتم حلها. هل المجتمع الدولي ممثلاً في الأممالمتحدة أوفى بما عليه من التزامات مالية تجاه المفوضية؟ - الأممالمتحدة تعتمد على المانحين وهي جادة في تعاملها معنا، ونقوم بالوفاء بالتزاماتها، لكن التحدي الحقيقي الآن هو تخاذل بعض المانحين خاصة حكومة المملكة المتحدة وهولندا بعكس اليابان التي التزمت ودفعت بسخاء وتتابع هذا البرنامج وتقدم لنا النصح والخبراء، ونناشدهم بالإيفاء بالتزاماتهم التي أعلنوها، وإذا لم يتم ذلك سنعلن للعالم تقاعسهم هذا، ونؤكد أن لديهم أجندة سابقة لا تقل من قيمة التزاماتهم بالنسبة للسودان أو الدول الأخرى.