ودور المسنين عندنا تحتاج للدعم والبرامج الاجتماعية والدينية على وجه الخصوص.. بتنا نسمع بين كل يومين أو ثلاثة عن زيارة مجموعة من المطربين أو المطربات لدار العجزة وتقديم حفلات غنائية.. وهو برنامج أصبح أشبه بالأسبوعي.. وبطبيعة الحال ومن باب حسن الظن لن نقول إن هؤلاء الزائرين يبحثون عن أضواء فارقت دروبهم، ونجومية فشلوا في تحقيقها عبر العطاء وخشبات المسارح والوسائط الإعلامية، ولكننا نقول إن آباءنا وأمهاتنا من المسنين لا يحتاجون للغناء ولا إلى الرقص، بقدر ما يحتاجون إلى الجرعات المعنوية وما يعينهم على العبادة، وبالتالي حاجتهم تتمثل في الدروس الدينية التي تعلمهم ما خفيّ عليهم من أمور الدين.. وللغذاء والكساء والدواء.. فالغاية عندهم العيش الكريم وحسن الخاتمة.. ومن هذا المنطلق نقول لمن يريد أن يقدم دعماً من الفنانين والفنانات لهذه الفئة من المجتمع، أن يراعي هذه الجوانب وأن تكون زيارته خالصة لوجه الله بعيداً عن الغناء وحشد الإعلاميين وتوزيع الأخبار على الصحف.. فالزيارات التي تتم الآن هي في مظهرها شيء طيب يستحق الثناء والتقدير، ولكنها في جوهرها لا تخرج عن كونها زيارة مصلحة خاصة.. لأن دار المسنين أصبحت كدارفور، ودار الأطفال مجهولي الأبوين تعطي من البريق ما لا تعطي غيرهم من دور.. فأضحت قبلة لكل من يريد أن يشتهر ويكون في دائرة الضوء.. الكل يريد أن يزور دارفور ويغني لها.. والكل يريد أن يزور دار المسنين ويغني فيها.. والكل يريد أن يذرف الدموع ويوثق لها بالصور في دار المايقوما.. حتى تشابهت علينا البقر.. واحتار الدليل.. من صادق الشعور ومن يبحث عن الظهور.. مع أن الدور الثلاث كما قلنا، لا تحتاج للغناء ولا للرقص، لأنها لن تحقق السلام هناك ولن يكون غذاء وكساء ودواء هنا.. ولا حليب وحنان وأمان.. وما يدعو للحيرة أن المسؤولين يعجبهم هذا الحال الذي أصبح أقرب للظاهرة، مع علمهم بأن كل الزيارات لم تحقق غرضاً.. فالذي زار دارفور ووعد بالدعم وإحياء الحفلات في بقاع العالم.. ذهب ولم يعد.. ومن قال إن النازحين هم مسؤوليته.. تنصل عن المسؤولية.. ومن أقاموا الحفلات.. لا نعرف لهم حقيقة وأين ذهب ريع تلك الحفلات ومن تسلمه.. وكذا الحال في داري المسنين والمايقوما، مع اختلاف طفيف في السيناريوهات.نحن لا نريد أن نقول أوقفوا هذه الزيارات.. ولا نريد أن نقول للمغنيين والمغنيات لا تزورا هذه الدور، ولكن نقول: أسألوا أنفسكم قبل أن تفكروا في هذه الزيارة.. هل هي خالصة لوجه الله.. هل هي من أجل الإنسانية أم مصالح شخصية.. فإن كانت الأولى فتوكلوا على بركة الله وابتعدوا عن الرياء.. وإن كانت الأخيرة.. فشكراً ويكفي هؤلاء ما يلاقون.. يكفي أهلنا في دارفور النزوح وعدم الاستقرار والمعاناة التي يعيشونها.. ويكفي العجزة والمسنين ظلم ذوي القربي، ويكفي أطفال المايقوما المصير المجهول الذي ينتظرهم.