اصبحت معاناة المواطن تتفاقم يومياً وازداد تفاقهما بصورة أكبر في الاشهر الماضية بسبب الارتفاع الجنوني لكافة السلع الضرورية في ظل ضعف مرتبات العاملين بمؤسسات الدولة مما اثر سلباً على حياة المواطن البسيط العادي، ويمكن القول أن معاناة المواطن ازدادت بعد انفصال الجنوب بذهاب مورد كان يدر لخزينة الدولة ما لا يقل عن 70% من ميزانيتها، والملاحظ للشارع العام يجد أن شبح الغلاء الطاحن يطارد المواطن أينما ذهب رغم مقاومته وصبره على الواقع المرير الذي يعيشه ولم يسلم منه حتى اصحاب المحلات التجارية والعمل الحر وغيرها.. حاولت «آخر لحظة» في هذا التحقيق الوقوف على حجم معاناة كافة شرائح وفئات المجتمع بمختلف احياء ولاية الخرطوم والمحلات التجارية.. وخرجت بهذه الحصيلة.. أسباب أدت لهذه الظواهر.! بداية قال عدد من الموطنين أن الظروف المعيشية الطاحنة جعلت الكل يقول «يا نفسي.. يا نفسي» وأن البعض اكتفى بوجبة واحدة ووجبة ونصف «شاي احمر بي عيشة» كما قالوا أن الظروف الاقتصادية ادت لضعف التواصل الاجتماعي بين الناس حتى بين ذوي القربى بجانب التفكك الاسري وعزوا حالات الطلاق التي اصبحت بصورة كبيرة للظروف الاقتصادية والمعيشية، اضافة لكثرة الاحتيالات بين الناس والتسول الوظيفي حتى على مستوى العاملين بمؤسسات الدولة لضعف رواتبهم التي تحول دون سد ابسط احتياجاتهم الضرورية، مشيرين لتفشي وانتشار العديد من الظواهر السالبة لهذا السبب ضعف الدخل في ظل المتطلبات والاحتياجات الاسرية، ضارباً المثل بظاهرة التسول التي غزت كل الشوارع والطرقات وداخل المركبات وأمام المؤسسات من قبل اشخاص من الجنسين في كامل صحتهم ولياقتهم، أما التسول بالروشيتات فحدث ولا حرج. بعدها توجهنا صوب عدد من بائعات الشاي والاطعمة والملابس وغيرها من المكتويين بنار الغلاء حيث قالت زهراء حامد.. والحزن يكسو وجهها: اجبرتني ظروف الحياة المعيشية على الخروج للعمل خاصة بعد عجز زوجي عن العمل بسبب حالته الصحية والعمل على بيع الشاي لاعالة «5» اطفال في المراحل الدراسية المختلفة وترك الابن الاكبر مقاعد الدراسة لمساعدتي، ولكن الحال كما هو في ظل الغلاء الشديد لكل حاجة ورغم أننا نسكن في منزل ملك ولكن في الكثير من الاحيان غير قادرين على شراء الكهرباء ب«10»ج اضافة لعدم مقدرتي لسداد رسوم ابني الذي يدرس بالمرحلة الثانوية عبارة عن مبلغ «100»ج ورسوم الروضة لاحد الابناء فكيف يكون الحال للذين يسكنون بالايجار. فيما اشتكت اخريات من عدم سداد بعض الزبائن لثمن طلبات الوجبات والمشروبات واصبحنا في مطاردة بسبب ظروفهم الاقتصادية وما عليهم من التزامات تجاه ابنائهم قائلين إن الغلاء وضعف المرتبات أدى للعديد من اساليب الاحتيال. هذا أدى لإنخفاض دخلنا.! ويقول «م.س» عامل ورنيش دفعنا للجلوس معه نظراته ذات اليمين والشمال وتارة أخرى على أرجل المارة عندما سألناه قال: حتى نحن لم نسلم فقد تأثرنا كثيراً مع هذا الغلاء لأي حاجة واصبح الكثير من المواطنين لا يهتمون بتلميع أحذيتهم وإنما جل تفكيرهم في توفير الاحتياجات الضرورية لاسرهم وخاصة الاطفال، مما أدى لانخفاض دخلنا مقارنة بالسابق حيث كان لا يقل عن «20- 50»جنيه في اليوم ولكن اليوم لا يتعدى ال«10»جنيه. نتوارى من الضيق.! أما الفاضل يس موظف، لاحظت أنه في حالة سرعان وتفكير عميق وقلت في نفسي أن لديه مشكلة وسألته عن الأمر. فقال الغلاء الذي نعيشه قد شمل كل شيء في دائرتي وحتى اصبح تفكيري بالصوت العالي، وقال: إن مسألة الغلاء الطاحن مع ضعف المرتبات جعلنا نتوارى من الضيق خجلاً لعدم مقدرتنا على ضيافته، وأنا وغيري اصبح همنا هو توفير لقمة العيش الشريفة لاسرنا في ظل مرتبات لا تعادل حتى ربع الصرف الذي نصرفه وأنا كنموذج أدري بحال الكثيرين مثلي.. وقس على ذلك الغالبية العظمى من الشعب السوداني ونسأل المولى عز وجل الفرج. اللجؤ للعلاج البلدي.! وقالت عدد من المواطنات أنهنَّ اصبحنَّ يلجأنَّ للعلاج البلدي من قرض وحلبة والجردقة وغيرها بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الادوية.. قائلات: من أين لنا ذلك ونعاني في توفير لقمة العيش. متسائلات: لماذا اختفت «قفة الملاح» التي كانت لها شنة ورنة..؟ وأبدينَّ تخوفهنَّ من عدم استقرار موجب الغلاء.. :وأضفنَّ يجب على الجهات المسؤولة النظر في هذه المسألة. رحلة البحث عن عمل بديل أو اضافي.! ويفق «أ.ج» مع زميله الذي سبقه في الرأى قائلاً أن مشكلة الفلس مع الغلاء شغلت كل تفكيري طوال الوقت، وكل همي هو أن أبحث عن عمل بديل أو اضافي بجانب عملي من أجل الخروج من هذا الوضع المُزري الذي اعيشه. العمل بنظام الورديتين.! وقال كمال عمر عامل ولديه «5» اطفال اثنان منهم في المدارس وآخر في الروضة ويسكن في بيت ايجار مصاريفه اليومية لا تقل عن «20» جنيه، هكذا ابتدر حديثه في ظل راتبه الذي لا يكفيه حتى لابسط الضروريات ناهيك عن الكماليات، واضاف قائلاً: أنه يومياً يقوم بشراء «6» ارطال لبن لاولاده بجانب كيلو سكر ب(4.5) ج هذا غير المأكل والمشرب، مشيراً إلى أنه يقوم بشراء اللحمة في الاسبوع مرة واحدة «لغلاتها» وعدم مقدرته أن تكون كوجبة يومية، مما يقوم بتوفير مستلزمات البيت، وأردف ولعدم كفاية راتبي مقابل ارتفاع اسعار السلع مما اضطرنا للعمل بنظام ورديتين الصباحية تكون لسد الديون والاقساط أما الوردية الليلية لتذهب مبالغها للايجار وغيرها وهذه الضغوط الحياتية جعلتنا لا نجد فرصة للتواجد مع الاسرة. نشتري اللحم ب«نص الربع».! المواطنة «ف.ص» قالت الظروف اجبرتنا على أن نقوم بشراء نصف ربع كيلو لحمة لعدم مقدرتنا لشراء اللحمة حتى ربع الكيلو بقصد عمل الملاح به فقط ولا غير حتى الاستفادة من بقية المصاريف لشراء بقية المتطلبات الحياتية اليومية، وقال إن امثاله كثر بل هناك اسر يصعب عليهم شراء حتى نصف ربع الكيلو. «م.ك» صاحب جزارة يؤكد أنه اصبح يتعامل مع الزبائن حسب وضعهم وظروفهم ونقوم ببيع اللحم حتى ب«نصف ربع الكيلو» مراعاة لظروف بعض المواطنين الذين ليس لديهم القدرة على شراء اللحوم. المواطن هو رأس مالنا «م.ك» محامي قال: إن الغلاء وعدم وجود السيولة في ايدي المواطنين اثر سلباً على عملهم، مشيراً إلى أنه كلما كان السوق منتعشاً وهناك حركة له ذلك يؤثر ايجابياً عليهم. واضاف: أننا بصفتنا كمحامين لا تقل معاناتنا في ظل ارتفاع كافة السلع عن معاناة المواطن البسيط باعتباره هو رأس مالنا ونحن جزء لا يتجزأ من المجتمع بانفعالته السالبة والموجبة. تدهور العمل في المحلات التجارية.! وجدنا أن معاناة اصحاب المحلات التجارية بكل مستوياتهم لا تقل عن معاناة المواطنين بصفة عامة إذ يؤكد الشيخ أحمد تاجر مواد بناء أنه في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد والمواطن اصبحنا نعاني من تدهور عملنا في هذا العام مقارنة بالاعوام السابقة مشيراً إلى أن سوقهم «اصبح واقف» بسبب الغلاء واهتمام المواطن بضرورياته أكثر من غيرها. واضاف قائلاً: حتى الزبون الذي كان يشتري «10» جوالات اسمنت الان بعد معاناة شديدة يقوم بشراء جوال واحد، ولافتاً في الوقت نفسه إلى الارتفاع الجنوني لطن السيخ الذي وصل سعره حالياً إلى «5» ألف جنيه مقارنة بالماضي وكان ب«1.5» ألف جنيه. ركوض سوق الملابس.! عجبنا إبراهيم- تاجر ملابس تحدث إليَّ وهو يهز رأسه يمنة ويسرى وقال: الناس تركت شراء الملابس لارتفاع اسعارها لعدم وجود السيولة في ايدي المواطنين مما اجبرنا على الاكتفاء بالضروريات فقط بنسبة ضئيلة جداً وقال: «اننا نشتغل عشان نمشي حالنا فقط» مشيراً إلى أن حتى الذين يقومون بشراء الملابس يشتكون من ارتفاع اسعارها، واردف: إذا قورن حركة السوق بين اليوم والأمس بأن هناك فرق كبير بجانب زيادة اسعار الملابس بنسبة اكثر من 50%. حركة السوق في انكماش.! يسري محمد يوسف تاجر أحذية يقول: إن السوق يومياً في ركود وانكماش بسبب تضاعف الاسعار مشيراً إلى أن سعر الحذاء الذي كان ب(25) جنيه اصبح ب«50» والتي كانت ب«35» اصبحت ب«60» جنيه. ü من المحرر.. حقيقة من يلاحظ الشارع السوداني يعرف مدى معاناة المواطن بكل مستوياته دون اسثتناء حسب ظروفه من خلال استقراء وجوههم ولكن السمة الغالبة الغالية التي يمتلكها هي الصبر وقوة الايمان ما جعلته مقاوم للواقع المرير.