استحضرتُ صورة شاعرنا الكبير محمد الفيتوري وصوته القوي وديوانه المعروف (أقوال شاهد إثبات) وأنا أتوجه صوب منزل أسرته الكريمة يوم أمس بدعوة كريمة من السيدة الفضلى آسيا عبد الماجد، إحدى رائدات العمل الثقافي والمسرحي والدرامي في السودان، وهي تحتفي بأحد رموزنا الفنية العالمية، الأستاذ إبراهيم الصلحي، وفي الذهن بعض أبيات من شعره الرصين ضمن قصيدة (الوصايا القديمة).. وهي تقول:- يومها كانت الشمس مذبوحة في دمي وأنا أتقاطر نشوان بالحزن فوق الطريق أنظريني أنا ملك الغربة المتقاطر بالحزن فوق تراب الطريق. موعدنا كان عند الثانية عشر منتصف النهار، ووصلت قبل الموعد بعشر دقائق آثرت أن أنتظرها حتى أكون دقيقاً، وجلست أنتظر خلال تلك الدقائق وفي ذهني أستاذ الأجيال إبراهيم الصلحي (ملك الغربة) وتساءلتُ إن كان يتقاطر بالحزن فوق تراب الطريق كما هو حال شاعرنا الكبير محمد مفتاح الفيتوري. حان الوقت.. وطرقت الباب، فوجدتُ الرجل أمامي يجلس إلى السيدة الفضلى آسيا عبدالماجد (أم إيهاب) ليطل علينا بعد قليل إبنها الشيخ تاج الدين الفيتوري، ثم يصل إلينا فريق «آخر لحظة» لتغطية الحدث الفريد.. فقد مرت سنوات عديدة منذ أن التقينا بالأستاذ الصلحي، رغم أنه يحرص على زيارة أرض الوطن كل عام تقريباً. قلت للفنان العالمي الكبير الأستاذ إبراهيم الصلحي، أننا لانجيد الاحتفاء برموزنا التي سطعت نجوماً براقة في سماء العالم، مثل أديبنا الراحل الأستاذ الطيب صالح في مجال الرواية، وأستاذنا الراحل حسن ساتي في مجال الصحافة، وفناننا التشكيلي الراحل عثمان وقيع الله في مجال التشكيل، والسيد محمد فتحي إبراهيم «مو» في مجال الاقتصاد، والشيخ الدكتور إبراهيم الطيب الريح في مجال خدمة المجتمع، والصلحي نفسه الذي أصبح عنواناً للسودان وفنونه التشكيلية، وغيرهم وغيرهم. تواضع الأستاذ الصلحي- كعادته- وتحدث حديثاً طويلاً عن الشخصية السودانية في الداخل والخارج، وتحدث عن إرتباطه بأم درمان (المدينة) وكيف أنه امتلك منزلاً في الخرطوم لم يقم فيه يوماً واحداً، وتحدث عن حرصه على أن يكون بين الناس في وطنه أيام الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وقال إنه يتزود من المولد بالألوان والتشكيل وإيقاع الحياة. ونحن جلوس هناك اعتذر سعادة المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب هاتفياً بسبب ارتباطات سابقة، وكذلك الأستاذ صديق المجتبى، ومثلهما الأستاذ كمال حسن بخيت،.... ومع ذلك نأمل أن تغتنم إحدى قنواتنا الفضائية فرصة وجود الرجل بيننا حتى الخميس القادم وتقدم لنا ما يفيد.