كنا جلوساً في ردهة مبنى «عمارة السُكر» التي كانت تصدر منها صحيفة «الاقتصادية» الاسبوعية... برئاسة تحرير الأستاذ نجيب نور الدين... كنا نجلس عم عيسى ابراهيم المدقق اللغوي وشخصي والمدير العام لتلك المؤسسة... كانت دائرة اللقاء حول ما أثاره ذاك المدير عن أن وردي «متعجرف» ومتكبر... وأنه عندما سئل ذات مرة عن ترتيب الفنانين في السودان... قال وردي أولاً وثانياً وثالثاً... وعاشراً.. ثم ود الامين ثم.... و ...!! قلت لهم بأن هذا تواضعاً من قامة في مثله... لأنني لو كنت أملك ما يملك من خامة الصوت الشجي.... لقلت أنني الأول وحتى المائة... ثم يأتي بعدي من يأتي..!! كان السؤال من عيسى ابراهيم... عن «انت يازول وردي دا بتدافع عنه كدا ليه»؟؟ ذهبنا حيدر محمد علي المدقق اللغوي... وعبد الرحمن جبر والأستاذ عبد العظيم المحامي... وشخصي في وقت متأخر - على الدفن - ظهر أمس لتقديم العزاء في وفاة الموسيقار الدكتور محمد عثمان وردي...!! في الحقيقة هالني ما رأيت من تدافع المبدعين والشعراء والعازفين والممثلين... والرموز السياسية... وحتى قادة المعارضة...وفوق هذا كم هائل من قبائل السودان واتجاهاته المختلفة... جنوب وشمالاً... شرق وغرباً... هبوا جميعاً وقد وحدهم حب هذا العملاق القامة... كما لم توحدهم لا السياسة... ولا كرة القدم... !! ونحن في خضم شلال هائل من الحزن... المتدفق وكم الشجون ... كنت محتاراً أن كيف لي أن اكتب عن هذا الحدث... ولكن لفت نظري تعبير الزميل جبر... الذي قال أن السودان قد فقد شيئين من اعظم ما يهبهما الزمان... النفط - بانفصال الجنوب - ... ووردي برحيله!! فأحسست بأن هذا تعبير كاف....!! بالرغم من أن فيه ظلم لوردي... فوردي أغلى من أي نفط... ومن أي معادن و... و... !! ولكن... لا نقول إلا ما يرضي الله... و(حليل الكان بيهدي الغير.... صبح محتار يكوس هداي)...!! إنا لله وإنا إليه راجعون..