٭ الحزن درجات.. فهناك أحزان أسرية بالحجم العائلي لا تتجاوز عتبات البيت وأحزان تنساب بهدوء في الفريق والحي حتَّى تبلغ تخوم المدينة أو دائرة القبيلة. ٭ ولكن هناك قلة من الرموز والمبدعين الذين تنداح الأحزان عند رحيلهم لتغمر كل سماوات الوطن.. فتبرق وترعد وتمطر دموعاً ثكلى بالوجيع مفعمة بالنواح والنحيب. ٭ ولعل فقيدنا الراحل الدكتور الموسيقار المطرب محمد وردي هو واحد بدون شك من زمرة أولئك المبدعين العظماء الذين بكاهم السودان بحرقة وأسى.. وعم الحزن مختلف ولاياته ومدنه ومضاربه وقراه.. بل حزن لفراقه النيل، وجدائل النخيل، وأشجار الغابة، ورمال الصحراء، وحتَّى أسراب عصافير الخريف التي تغنى لها الفقيد أحسبها قد غردت بلحن الوداع الحزين. ٭ لقد أطربنا الراحل وردي بأغنياته الخالدة المعطونة بعطر الشفافية والجمال المضمخة بشهد البوح العفيف.. وأشجانا حتَّى الثمالة بصوته الفريد وألحانه الوسيمة التي كانت تدغدغ أحاسيسنا وتداعب مشاعرنا وتذيب سحب العشق والهيام للمحبوبة والوطن في دواخلنا. ٭ رحل وردي من غير ميعاد.. وغادر ساحة الإبداع الفني التي ولجها في زماننا البئيس هذا أنصاف «المغنواتية» الذين كلما أجبرتنا الظروف قسراً للاستماع لهم إزدات حسرتنا وتعاظمت أحزاننا على فقده ونظل نردد: ما كنا نحسب قبل زمانك في الثرى.. أن الكواكب في التراب تغور أين كبار الأهلاوية.؟ ٭ مع انطلاقة الموسم الجديد تفجرت حمم الخلافات الإدارية بديار سيد الاتيام قبيل انعقاد الجمعية العمومية المقرر لها شهر مارس القادم.. وتشهد أروقة النادي الأهلي حالياً استقطاباً حاداً بين جناحي المجلس الحالي ومجموعة التجديد. ٭ بدءاً لابد من التأكيد على أن المجلس الحالي بقيادة مبارك محجوب، ورضوان آدم، وحسن النور، وبشار أبو دجانه وزملائهم.. قد حققوا انجازاً كبيراً في مجال المنشآت والبنية التحتية بالنادي لا ينكرها إلا مكابر، وقد تحقق ذلك الانجاز في بواكير عهد المجلس عندما كان يعمل بتجانس وانسجام ووئام تام. ٭ إلا أن الخلافات المزمنة سرعان ما نبشت بأظافرها في جسد المجلس فتشرذم إلى شلليات وصلت إلى مرحلة التنافر والكيد العلني لبعضهم البعض في ظاهرة مستهجنة فشل حتَّى وزير الشباب والرياضة أبو قناية آنذاك في حسمها.. فكان طبيعياً أن تنعكس على الفريق ويسقط من الممتاز في ظل تلك الحرابة التي قادت لاستقالة العديد من نشطاء المجلس وداعميه أمثال كمال النقر وعجيب إبراهيم وحسن النور وآخرين. ٭ تلك واحدة من السلبيات أمَّا الثانية فتمثلت في احتكار حاشية السكرتير رضوان آدم لمفاصل العمل الإداري إبان فترات التسجيلات دون التشاور مع الآخرين.. فورطوا النادي في صفقات فاشلة وأهدروا أمواله في لاعبين دون حاجة الأهلي وأثاروا سخرية الناس عند إعادة قيد أحد اللاعبين الذين استغنى عنهم الأهلي قبل سنوات. ٭ ووسط هذه الأجواء الخلافية يتساءل الناس أين كبار الأهلاوية يا ترى؟ ولماذا لا يتدخلون لمعالجة الأزمة باختيار قائمة وفاقية موحدة يتفق عليها الجميع.. بعد إبعاد الحاشية ومثيري الخلافات، ويمكن أن تضم أسماء منتقاة بعناية من الجناحين وخارجهما.. وبلاش خلافات بالله عليكم يا معشر الأهلاوية فالتاريخ لن يرحمكم إذا تسببتم بخلافاتكم في نحر سيد الاتيام. اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد.