الاتفاق الذي وقعه السودان مع دولة الجنوب ب(الأحرف الأولى) أمس الأول في أديس أبابا.. هو خير ختام لجولة مفاوضات بين الطرفين.. لأنه ل(إبداء النية فقط).. إذ هذه الجولة تم عقدها وسط اتهامات وتوترات في أعقاب هجوم (الجبهة الثورية) المدعومة من حكومة جوبا على منطقة (بحيرة الأبيض). ونص الاتفاق على تشكيل لجان لمناقشة قضايا ترسيم الحدود والحريات الأربع ووضعية مواطني البلدين بعد الرابع من أبريل القادم.. والترتيب لعقد قمة بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير في جوبا في أسرع وقت.. وهي قضايا أثارتها هيلدا جونسون مبعوثة الأممالمتحدة لدولة الجنوب عند زيارتها الأخيرة للبلاد.. وتم إبعاد ملف النفط تماماً من الاتفاقات.. لأن جوبا تريد أن تقرر فيه ما تشاء بعد أن هددت الشركات بعقوبات الإبعاد.. إذا لم تنتقل من الخرطوم إلى دولة الجنوب قبل العشرين من أبريل الجاري. ü واللافت أن اتفاق (الأحرف الأولى) لم يحمل جديداً أو اختراقاً للقضايا الجوهرية مثل ملف النفط والوضع الأمني.. سوى أنه حث الطرفين على أنه ليس هناك (خاسر وكاسب) في المفاوضات.. وعليهما إعلاء روح الشراكة.. ولا توجد ضمانات تلجم جوبا من خرق الاتفاقات كما فعلت في اتفاقيات مماثلة منذ جولة مفاوضات السلام في ناكورو أو ميشاكوس أو نيفاشا بكينيا حتى آخر جولة تفاوض ما بعد انفصال الجنوب.. إذ ظلت عقب كل جولة تقوم بتنفيذ عمل عدائي يؤدي إلى توتر العلاقات وكان آخرها دعمها المباشر للجبهة الثورية وتمكينها من دخول بحيرة الأبيض بجنوب كردفان.. فضلاً عن إثارة قضايا لا علاقة لها بجدول التفاوض كما حدث من قبل فى نيفاشا.. حيث أثارت ملف أبيي واستطاعت أن تجعل له منبراً خاصاً أدى إلى تعقيد الملف ولم يتم التوصل إلى حل حتى الآن.. لتأتي في الجولة المنصرمة وتطالب بمناقشة قضية استرقاق السودان ل(35) ألف جنوبي!! كما أن الاتفاقات تضمنت قضايا ترسيم الحدود والمواطنة وهي قضايا سعت الحركة إلى تعطيل التفاوض حولها.. إذ أن ممثليها في مفوضية الترسيم كانوا يتغيبون عن الاجتماعات. ü وثمة ملاحظة أن القمة المرتقبة بين البشير وسلفاكير ستعقد ب(أسرع ما تيسر) للتوقيع على تفاهمات.. وهذه تحتاج إلى جولات سيكون (شيطان التفاصيل) حاضراً فيها. ü ويبقى أن المبعوث الأمريكي للسودان حقق أهدافه التي رسمها وتتسق مع مواقف دولة الجنوب القائمة على إطالة التفاوض وإثارة المزيد من القضايا في الجولات حتى تتمكن (الجهات) من إيصال دعمها للحركات التي تشن حرباً ضد السودان منطلقة من أراضي الجنوب.