كلما سمعت عن اتفاق يبرم بين الخرطوموجوبا، تحضرني قصة كنا نضحك فيها كثيراً ونحن صغار، لكن عندما أصبحنا كبارا ووعينا فهم المعاني المستفادة من تلك القصص، وجدتها تشبه واقعنا مع جوبا وأصدقائها وهي تقول: «إن الكدايس والفئران وبعد الحرب والعداء الدائم بينهما، قررت الكدايس الدخول في صلح بينهما، وبادرت الكدايس بالفكرة، ووافقت الفئران عليها، ولكن كبير الفئران طلب من قبيلته التريث للتأكد من حسن نية الكدايس، ومعرفة نيتهم الحقيقية من الاتفاق، وقام بارسال مندوب للكدايس لتحديد الزمان والمكان، وطلب منه أن يحتفظ بالكلمة الأولى التي تقولها له الكدايس، وعندما دخل عليهم قال السلام عليكم.. رد عليه كبيرهم.. وقال حباب «ود اب راسا حلو» وبالفعل احتفظ المرسال بهذه الكلمات، وواصل معهم، واتفقوا على الزمان والمكان، وما تبقى من تفاصيل الاتفاق وخرج منهم، وعندما وصل لأبناء جلدته، سأله كبيرهم عن أول كلمة قيلت له فقال: «حباب ود اب راسا حلو».. وعندما همَّ برواية ما تم بينهم أوقفه كبيرهم، وقال إن الكدايس لاتريد صلحاً حقيقياً معنا، لأنها لم تنسَ طعم رؤوسنا.. إذن حسن النية غير متوفر، وإن هذا الاتفاق مكيدة ليس إلا، أوانه مجرد مرحله لإيصالهم الى ما يريدون.. والغي الاتفاق وبقي الحال على ما هو عليه -انتهت القصة- والآن نحن نقوم في كل يوم بتوقيع اتفاق مع جوبا، ويكون منطلقاً لمشكلة جديدة، ولا أظن أن المشكلة بيننا، وجوبا لها علاقة بالواقع الحالي، وقد أكدها سلفاكير في تصريحاته يوم أمس الأول حينما قال «إن مشكلتنا ليس مع الشعب السوداني، وإنما مع الحكومة» إذن المشكلة ستظل قائمة لأن كل اتفاقيات جوبا توقع مع الحكومة.