أثارت قضية جنوب السودان في السابق جدلاً واسعاً في مضامين التعايش بين المتمردين - القادمون من الغابة - والشمال المتحضر الذي حاول بعدة سبل احتواء المواطنين الجنوبيين قبل أن يسعى لاحتضان المتمردين منهم... وقد كان «شح الدولار» أحد أسباب رجوع حكومة الشمال إلى اتفاقات «ترميمية» للحاق بركب العملات الاجنبية - الصعبة - التي كاد قطارها ان يفارق «سكتنا».. لولا وجود بعض الثغرات ونقاط الضعف لدى حكومة جنوب السودان.. منها أنها تبحث عن «خرم إبرة» لتصدر من خلاله النفط الحبيس داخل حدودها دون وجود مخرج آخر - على المدى القريب - سوى الشمال الذي سيجني فوائد شتى جراء السماح بمرور الأنابيب عن طريقه إلى الموانئ التي تصدره للعالم وذلك من حقه. لم تكن الهجمة الشرسة التي اعترضت سبيل الاتجاه لاجراء اتفاقات «تكميلية» مع جنوب السودان... إلا تحضيراً لبيئة تعرقل اجراء تلك الاتفاقات مع «الخصم» الذي صار - بعد الانفصال - لا معنى لخصومته.. بعد أن استبدلناه بالسلام، إلا أن الشعب الجنوبي - وكما قال سيلفا - لا يمثل خصماً... بل على العكس من ذلك.. فهو في حالة إخاء مع شقيقه في الشمال... ولكن السياسة تلعب لعبتها.. وتلف كثيراً من الحقائق لتعترض بها سبيل كل من ينوي النيل من «الأرباح» الناتجة عن الصفقات السياسية.. أما من ناحية اقتصادية... فالصحيح تقديم تنازلات من الطرفين... فالدولتين تمران بمنعطف يكاد يهوي بهما في اتون حرب تقضي عليهما معاً..!! وعلى كل حال فالأفضل تقبل كل منهما للآخر «بِعِلاته».. وإلا - الله لا أعادها - الحرب..!!