جوبلز لا يحتاج لتعريف .. فقد كان وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر والمانيا النازية!! لقد كان صاحب الدعاية الهائلة التي صورت للألمان أن هتلر هو المنقذ الوحيد لهم!! وعندما جاءت الحرب العالمية انهار النظام والقائد ومعه «جوبلز» صاحب الآلة الدعائية الضخمة!! ومع ذلك بقيت «نظرية» استخدمتها أطياف واسعة من الدول والأنظمةشرقا وغرباً خصوصاً إسرائيل، والأنظمة العربية والتي أضافت إليها «نكهة» خاصة أقوى من نكهة القهوة العربية، فالذي يمتلك وسائل الإعلام يمتلك القول الفصل في كل شيء.. جوبلز يقول أكذب أكذب حتى يصدقك الناس.. إنه فن الدعاية السياسية باللون الرمادي. الآن المنطقة العربية مع ثورات الربيع العربي تعيش آخر فصول «الجوبلزية»!! لقد اكتشف الناس كيف كان يكذب الحكام وكيف كانوا يصورون الواقع ويحرفون الحقائق ويزورونها.. والغريب في الأمر أنهم صدقوا أكاذيبهم وعاشوا في وهم أنهم على حق والرعية هي الباطل!! وعندما انكشف المستور «ضحكت» الشعوب و«بكى» الحكام. عندنا الصورة أشد وضوحاً ورسوخاً والمسألة لاتحتاج لدرس عصر..بعض المسؤولين الكبار والصغار أيضاً أدمنوا مثل هذا النوع من الأحاديث والتصريحات التي تصور للناس الواقع «خيالاً» والحقائق «أكاذيب» والأكاذيب «حقائق» مسنودة بأدلة وبراهين منسوجة من عالم لا يمت للعالم الذي يعيش فيه هذا المسؤول أو ذاك بصلة!! في أيام جوبلز كانت الوسائل التي يطل منها القادة للجماهير محدودة إن لم تكن معدومة.. ولكن ماذا عن عالم اليوم الذي أضحى فيه للحقيقة ألف باب وباب، وفي هذه الحالة تصبح مثل هذه الأحاديث الآحادية بضاعة مغشوشة وبائرة ولا تجد من يشتريها وهي مثل «طربوش عم وهبة» الذي كتب عنه الراحل الكاتب الصحفي محمود السعدني.. وهبة كان يبيع الطرابيش في حي الحسين بالقاهرة وعندما جاءت ثورة يوليو قامت بحظر ارتداء الطرابيش، ومع ذلك استمر عم وهبة في عرض بضاعته التي انصرف عنها الناس!! الآن الناس انصرفوا تماماً عن البضاعة الكلامية التي يرددها المسؤولون هذه الأيام لا أحد يصدق شيئاً، لا أحد يؤمن بالكلمات النارية وشتم خلق الله، وتصوير الناس بأنهم أعداء وخونة وأولاد «....»! هذه بضاعة لن تجد من يشتريها. السوق يسمح بتداول البضاعة المغلفة بورق« الصدق» و«الحقائق» و«المنطق» و«المطابقة» مع الواقع المعاش المشاهد. فيا «أخي العزيز» تحدث صدقاً أو أسكت وهذا خير لنا ولك!!