تعتبر ولاية النيل الأبيض من ولايات السودان الواعدة والرائدة وهي تمثل وتجسد سوداناً مصغراً لما فيها من تنوع قبلي وتعدد ثقافي وبعد انفصال الجنوب أصبحت جغرافيا تمثل جنوب السودان , وعلاوة على ذلك تزخر بالعديد من الموارد الزراعية والحيوانية ومن رحم هذه الولاية خرج الافذاز في المجالات , القاصي والداني يعرف أن اولئك الرجال كانوا بيارق ومنارات علا قدحهم في صنع مجد السودان . يكفينا فخرا أنهم كانوا من رواد مؤتمر الخريجين بقيادة الدر ديري احمد إسماعيل ، خرج ومن بين دهاليز هذه الولاية ومن صلبها ، وشمخ أبناؤها السيد محمد احمد المحجوب ، والتجاني الماحي ، ومحمد احمد النفيدي ، وسر الختم الخليفة وعمر إدريس هباني ،وفضل الله تبيدي ، وصلاح احمد إبراهيم ، والدكتور عمر نور الدائم ، ومولانا بابكر عوض الله السوداني الوحيد الذي جمع بين السلطات الثلاث ( التنفيذية والتشريعية والقضائية ) وهذا مثالٌ وليس حصرا . ومن المفاخر ارتبطت أيضا النيل الأبيض بإعلان ميدان الجبهة الوطنية ( الجزيرة أبا ) لمناهضة نظام مايو الأسود حيث تكونت الجبهة بقيادة المناضل الجسور الشريف حسين الهندي والإمام البطل الهادي المهدي والشهيد الثائر محمد صالح عمر ، في أروع مشهد للإجماع الوطني ، حيث صورها الزعيم الشريف زين العابدين الهندي في أوبريت سودانية بقوله : ارفع ساعديك ربك العظيم بتشوفا حيى أبا القديم وجديد بقت معروفة قول للشهداء نارنا متلعبة ومكلوفة لا ماتت ولا غمضوا البقيدوا ظروفا ارجينا بنجيك موحدين صادقين شايلين المدافع وبي السما طايرين صواريخنا بتثكل تطرش الاضنين وفي الجاسر نقيف ليك بالنصر هازين بحر ابيض فتح ابوابة وقت الحاجة زى ما موسى عدى لا تعب لا حاجة كما روت أرضها الدماء الطاهرة لشهيد الحركة الطلابية السودانية ( شهيدنا القرشي ) وبهذه الولاية مدن عريقة . شهدت النهضة التعليمية في السودان مثل القطينة وكوستي مدينة الحضارة والثقافة ، والدويم مدينة العلم والنور حيث تقف بخت الرضا شامخة مركزا للعلم وشعاعا للنور و التي تغنى لها إدريس جماع بقولة : يا معهداً علم البلاد بكفه اليمنى **** وباليسرى مصابيح الهدى حيث كانوا شموعاً مضيئة ونجوماً تتلألأ ويملكون من الخبرات والتجارب والتدريب : بصماتهم تزين أرجاء البلاد وخارجها ، يقابلون بالتقدير والإجلال اين ما حلوا ، نهلوا من العلم بضروبه المختلفة وتزودوا بالثقافة من منابعها المختلفة كان ذلك حين كانت بلادنا تعتد بالأفذاذ وتقيم لهم وزناً ، ولا زالت النيل الأبيض تعطي ودوداً ولوداً ما نضب معينها ولم يتكلس رحمها غير إن الجهوية والقبلية ثقافة الإنقاذ التي غرستها في أرجاء البلاد امتد بلاؤها لبحر ابيض . لم يكن أبناء النيل الأبيض يعرفون القبيلة لم يسمع احدهم إن فلانا من هذه القبيلة وعلانا من تلك. نشروا فينا هذه السوءة الآن هذه القبلية التي مزقت السودان هي ديدن هؤلاء المتنفذين في هذه الولاية ، التي هم على سنام السلطة فيها يديرون الولاية ويعيثون فيها ها فسادا وفضائحهم نتنة تزكم الأنوف ثم كان توزيع المناصب الجهوية منهاجهم في ذلك ، والقبلية يحتكمون إليها وهي مرشدهم ، و الآن من يتولون أمر الولاية بلا تجارب وبلا خبرات مع إن هنالك نمازج طيبة كان يمكن لها إن تغير وجه الحياة في الولاية التي أضحت كالحة الوجه كئيبة ينظر إنسانها إلى الأموال تنهب والفساد يمشى على قدمين . ولذلك قررنا إن نكسر الصمت، قالوا إن السياسي الفذ هو الذي يعرف مكمن ذا شعبه قبل إن يصرخ ذلك الشعب وما انقادت الآمال ألاّ لطالب. واشتهرت ولاية النيل الأبيض بأنها ولاية السكر لوجود اكبر مصنع لإنتاج السكر في السودان بل في شرق إفريقيا (مصنع سكر كنانة). إلا إن ولاية النيل الأبيض شهدت في الآونة الأخيرة تردياً مريعاً في جميع الخدمات التعليمية والصحية ،والتردي في القطاع الزراعي الذي شهد انهياراً كاملاً في مشاريع النيل الأبيض الزراعية وأصبح إنسان الولاية يعيش أوضاعا مزرية ويعاني من ضعف التنمية والخدمات الأساسية . وفي ظل هذه الأوضاع تم إنشاء مصنع سكر النيل الأبيض من ما جعل إنسان هذه الولاية يستبشر خيرا بهذا المشروع التنموي الضخم من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية ورفع مستوى المعيشة للمواطن الكريم وخلق فرص عمل لأبناء الولاية واستيعاب الكفاءات والخريجين وان يكون لهم الأولوية في الوظائف لأنه يوفر قرابة 16 ألف وظيفة إلا إننا نفاجأ منذ الوهلة الأولى بتجذير المحسوبية في عهد الدكتور جلال يوسف الدقير وزير الصناعة ورئيس مجلس إدارة المشروع آنذاك بتعيين (عديله ) فتح الرحمن التنى أستاذ اللغة الفرنسية مديرا للمصنع وإبعاد الكفاءات وذوي الخبرة من أبناء الولاية وكان من الأجدر أن يعين أبناء الولاية من الكفاءات أمثال ( إبراهيم على مسلم ، والمهندس جعفر حسين الذي عمل في العديد من مصانع السكر مثل مصنع غرب سنار والجنيد ، وحلفا الجديدة والرجل مشهود له بالكفاءة والخبرة والنزاهة . وعلى صعيد أخر ، وحتى لا يكون افتتاح المشروع بطعم الحنظل المر لإنسان الولاية ، كان إن يتم التأكد أولاً من نظم التشغيل الهندسية والفنية للمصنع وتوفيق أوضاع الأهالي الملاك للأراضي وتعويضهم وإعطاء كل ذي حق حقه حتى تكون الفرحة فرحتين لأنهم صبروا طيلة السنوات الماضية ولم يجدوا لا التسويف والوعود الزائفة وإحداث الأعوج ليست ببعيدة عن الأذهان والتي راح ضحيتها عدد من المواطنين الأبرياء الذين لم يجنوا شيئاً سوى المطالبة بحقوقهم بالطرق السلمية الذين قتلوا برصاص الشرطة ولم يكلف وزير الصناعة ورئيس مجلس إدارة المشروع آنذاك الدكتور جلال الدقير نفسه بان يأتي لتأدية واجب العزاء لأسر شهداء أحداث الأعوج والوقوف عن قرب على أسباب المشكلة الحقيقية والكل يريد إن يدعي انه صاحب الانجاز الحقيقي إمام أجهزة الإعلام ونحن بحديثنا هذا لا ندعو للقبلية والجهوية وإثارة الخلافات إلا إن ما نكتبه يظل حقائق واضحة يجب معالجتها حتى لا تتفاقم لأننا ضد هيمنة الفرد الواحد والقبيلة الواحدة والعشيرة الواحدة والمصلحة الواحدة . واختم بالمثل الشعبي لأهلنا في بحر ابيض والذي يردده دائما صديقي سفيان احمد عبد الواحد بن مدينة الشيخ الصديق إن لا يجبر إنسان بحر ابيض (جبر الحمار على المركب ).. اللهم اشهد فقد بلغت