حين استقبلتنا الكشافة العربية (ببورسعيد) شمال (مصر) العربية.. ثم انزلتنا كوفود بمقرها هناك.. كانت (غرفتي) تطل على شاطيء البحر من علوها هناك.. وكان اليوم (جمعة) وكل الناس مجتمعة، فنزلت ومعي (محمد سعد) المفوض الدولي وهو من كردفان-أرض البطولات- نزلنا على المياه المدافعة بالأمواج البيضاء لنرى ونعايش.. وأعاود أنا ذكريات وفدنا الشبابي السوداني من (وزارة الشباب والرياضة) عام (2002م) أي بعد (عشر) سنوات من (بورسعيد)، وأول ما رأيت وقرأت بالخط العريض المحسن على أحد الأكواخ قرب المياه قرأت الآية الكريمة (ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون)، ثم رأينا هياكل الخيام لمن أراد أن يتخذ بكسائه بيتاً وظلاً، وإن أراد كذلك المقيل والثبات.. إذ تبادرت لمخيلتي شواطيء النيل بالمقرن (بالخرطوم) الخضراء، وعند منتجع الغابة.. وأنت تظلك الأفرع والأشجار الوارفة.. وتتخذ كذلك من أرضها الهادئة المطروحة متكئاً وتجلس، وتصنع وتطهو ما تشتهي.. وتسعد بالبيئة والإخاء والطمأنينة.. وعندها (ببورسعيد) وفي (العاشرة) صباحاً تدافعت نحونا الأمواج، فانتظرتها لتقترب مني.. فغرفت منها غرفة بيدي ثم تذوقتها.. فكان الماء ملحاً أجاجاً.. وهو البحر المالح الممتد على مرمى البصر.. وهذا من صنع الله العزيز الجبار.. ثم أنه تراءى لي أنني حقيقة يوماً قاربت ولمست نهرنا ونيلنا بالخرطوم، ثم جلست إليه وغرفت بيديّ الاثنين غرفات تجرعتها حتى أرتويت وتذكرت حديثه (صلى الله عليه وسلم) (أفضل إنا اليدين)، وكنا عند طفولتنا نتمتع بذلك في بعض فيافي السودان.. وهكذا وجدنا بعضنا كدول عربية- (12) دولة- وجدنا أنفسنا نصلي (الجمعة) بمساجد بورسعيد في (23/ماس/2012م)، والتي جئناها تحت منظومة الكشافة العربية، وتحت ظلال الآية الكريمة (.. فاصلحوا بينهما...) إذ صدعت الأجهزة والفضائيات الكونية أن (الاستاد) الرياضي ببورسعيد قد شهد مطاحنات أودت بأرواح عربية كثيرة.. وساد التوتر الكيانات العديدة (بالجمهورية)، ولما كان شعارنا الذي رفعناه في (قاهرة) المعز لدين الله.. وهو (ملتقى رسل السلام)، وأردفناه بشعارنا السوداني (جسور السلام)، ويعني سلام دارفور وغيرها.. ثم كانت المسيرة الشبابية الكشفية العربية الكبرى.. بعد صلاة (الجمعة) عبر ساحات وشوارع مدينة بورسعيد الساحلية الشمالية، حيث انضمت إلينا قطاعات أخرى في المسيرة.. أما الطوابق الشاهقة السكنية والمنافذ فتردد معنا (بورسعيد عربية.. بورسعيد لنا) و(القاهرة أبية.. القاهرة لنا)، وكان الشباب يتماسكون ثم يضربون بأرجلهم الأرض مع إيقاعات الطبول.. وينادون شباب السودان يا أبناء النيل الأوفياء.. وكنا كلنا كأننا نقول (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع) و(وجب الشكر علينا ما دعا لله داع)، وإذا بقيادة (المحافظة) وقيادة الأجهزة الأخرى تنضم إلينا.. فنتماسك في الصفوف الأمامية، ونردد معاً شعارات الوحدة والمحبة والوئام.. لتصل بنا المسيرة خلال (ساعة) كاملة إلى رئاسة (محافظة بورسعيد) وميادينها الجنوبية الفسيحة.. بخضرتها المنمقة.. أما الأجهزة الإعلامية اللاقطة والمسموعة والمرهفة فتطوقنا من كل صوب.. وتحشد حولنا الشباب لالتقاط المشاهد والمظاهر الخلابة، وتنتظرنا- (أي الأجهزة)- لنقول على المسجلات آراءنا ومشاعرنا وأمانينا للأمة العربية.. فكانت هذه- أيها القراء الأعزاء- هي فحوى الملتقى (لرسل السلام) وهي المسيرة العربية التضامنية، وهي معانٍ وطموحات هطلت على جمهورنا المحبب ببورسعيد منقولاً إلى (القاهرة).. لنعود ليلاً عبر الطرق المسفلتة، ونقضي ليلتنا بطوابق ومقر الإقليم العربي الكشفي ناحية (استاد) القاهرة الدولي.. ثم جلسنا صبيحة (السبت) وهو يومنا التالي للمسيرة قبيل مغادرتنا للخرطوم الباسلة مساء.. جلسنا إلى سفيرنا الشاب (كمال حسن) ونخبته وحشود السودانيين بالسفارة، لنطلق على نشاطنا بالإقليم العربي.. فكأننا نجلس معه في (السامراب) ببحري أو الكلاكلة) بالخرطوم.. وأننا بعد أن عّزينا في فقيد (الكاتدرائية) البابا (شنودة) وقلنا لهم.. (أحسن الله عزاءكم.. والدوام لله تعالى.. وكل من عليها فان..) بعد هذا جلسنا إلى الأستاذ (فتحي محمود فرغلي) رئيس الكشافة العربية المصرية.. ووقعنا معه مذكرة تفاهم وتعاون وتنسيق في مجالات الأنشطة الكشفية.. ووجدناه ملماً حتى بأروقة وأزقة (ود نوباوي) و(الحاج يوسف)، وأنه عاش سنوات بمدينة (كسلا) معلماً بمدارسها، فها نحن إذن نعود كوفد عربي كشفي.. نعود من شواطيء (بورسعيد) إلى شواطيء الخرطوم.. وهيا بنا.. والله أكبر..