الشعوب عادات وتقاليد متباينة وغريبة فيما يتعلق بالموت والموتى، ففي المكسيك يحتفل المكسيكيون بمهرجان الموتي، وهو أحد أكبر المهرجانات التى تثير لديهم مشاعر البهجة والسرور ولا يسودها الحزن. ويقام المهرجان سنوياُ خلال الفترة من مساء يوم الحادى والثلاثين من أكتوبر إلى الثاني من نوفمبر، ويتم فيها دعوة أرواح الأعزاء والأحباب الذين غادروا الحياة الدنيا، ويتم إجتذاب هذه الأرواح التي تصبح ضيوف الشرف في هذا المهرجان عن طريق تقديم الكثير من الهدايا والأطعمة اللذيذة فوق قبور أصحابها التي يجرى تزيينها بألوان بهيجة. وفى أمريكا فى مدينة سالم فى ولاية بوسطن يقام إحتفال سنوى كبير شبيه بإحتفال المكسيك يتصل خلاله الأهالى بالموتى من أقاربهم و أصدقائهم. كما يقام إحتفال في نفس التوقيت من العام فى كل المدن الأمريكية بعيد الهالوين الذى يشابه كثيراً الإحتفال بيوم الموتى، حيث يرتدى الشباب قبعات ملونة ويضعون جوه مخيفة، ولكنه يختلف فى طقوسه عن التقليد المكسيكي القديم، وقد شهدت الإحتفال بيوم الهالوين أثناء إحدى زياراتي لأمريكا. وولاية بوسطن هي قبلة السحرة ومكان تجمعهم فى أمريكا ويعيش فيها أكثر من عشرين ألف ساحر يتمتعون بحقوق لا يجدونها فى أي ولاية أمريكية أخرى. وفى مدينة سالم فى ولاية بوسطن وفى نفس المكان الذى شاهد شنق ستمائة ساحرة أمريكية منذ ثلاثة قرون مضت يتجمع آلاف السحرة مع أهالى المدينة فى قلب الليل فى واد كبير يقع على أطراف المدينة فى اليوم الأول من نوفمبر لحضور «عيد الإحتفال بالموتى» أو عيد « سمهان » حيث يسود الصمت.. صمت القبور ليسمح بالإتصال المباشر بين المتواجدين وأرواح الموتى الهائمة. والمهنة الأساسية فى هذه المدينة هي السحر، كما أن السحر هو شعارها، فهى تعترف بمقولة« أنت ساحر.. إذن أنت مواطن فى مدينتنا» . وفى هذا الإحتفال تكثر الأشياء المثيرة فى المدينة حيث ُتشاهد « قرع العسل» فى كل نوافذ البيوت على شكل « جماجم الموتى » ، كما تشاهد جثث متحجرة لموتى وصورا لنساء شريرات مخيفات. والسحرة فى أنحاء ولايات أمريكا أعداهم كبيرة إلا أن حوالى عشرين ألف ساحر يتركزون فى مدينة «سالم» وحدها وٍينتمون لجمعيات أو طوائف أو أحزاب وكل هؤلاء السحرة يلتفون فى النهاية حول « كبير أو كبيرة الساحرات » . والإحتفال بالموتي فى المكسيك يعود إلى إعتقاد مكسيكي قديم تعود فيه أرواح الموتى لزيارة الأهل والأصدقاء خلال هذا المهرجان، ويتم خلال اللقاء مع الأرواح تناول خبز خاص حلو المذاق يطلق عليه «خبز الموتى» . وبالرغم من أن هذا المهرجان يعد أحد أكبر المهرجانات في المكسيك، غير أن الكثير من الأجانب يجدونه مثيراً للإزعاج، فموضوع الموت يُعد من الموضوعات المحظورة في أوروبا إلى حد كبير حيث يعتبر تذكر الموتى مناسبة حزينة، ومع ذلك لا يسود الصمت في هذه المناسبة في المكسيك بل يعمها الفرح. ويحتشد كل عام في مكسيكو سيتي أكثر من مليوني شخص في يوم الموتى عند نحو مئة مقبرة كبرى في العاصمة، وتفوح في الجو رائحة الكوبال، وهو نوع من الصمغ القوي يدخل في صناعة البخور الذي يستخدم لطرد الأرواح الشريرة ويسهل عودة الروح من العالم الآخر إلى الحياة الدنيا. ولا يتم الإحتفال بهذا المهرجان في المقابر وحدها، بل تقام مواقع بهيجة تكريماً للموتى في مناطق مختلفة من المكسيك، وتُُزين بمخبوزات وشموع وبجماجم وهياكل عظمية مصنوعة من الورق المقوى. ويذكر أن معهد ثربانتس الأسبانى بالقاهرة إحتفل العام الماضي بالمهرجان الدولى العاشر ليوم الموتى، وذلك لإحياء التقليد الشعبى المكسيكى الخاص بالإحتفال بيوم الموتى.