في الكثير من القرى في السودان تجد ثمة أشخاص من الدراويش الزاهدين في الحياة وبهرجها ، هؤلاء يشكلون سمات بارزة ومشتركة للقرى ، تجدهم غالبا يعيشون حياة التوحد في الخرائب وردهات الأسواق والبعض منهم يساسق من قرية الى أخرى ، من أغرب الاشياء ان معظم الأهالي يعتقدون أن هؤلاء لهم كرامات ويقومون بأفعال خارقة وخارجة عن المألوف من هذه الفئة أذكر رجل في قريتنا كان لا يحادث أحدا ودائما تجده يمشي بجوار الحيطان ويرتاد شاطيء النيل في انصاف الليالي ليسبح ويبلبط دون ان تهاجمه التماسيح كما كان البعض يعتقد انه يتسلق أطول نخلة بسرعة فائقة ، انتباه الرجل كان يقطع المسافة بين القرية وبلدة الخندق بصورة شبه يومية ، يوم هنا ويومان هناك ، الغريب أن بعض أصحاب وسائقي العربات كانوا يبالغون في خوارق هذا الرجل العجيب ويؤكدون أن له القدرة على الطيران وكثيرا ما يسبقهم أقصد يسبق السيارة حتى و أن كانت تسير بسرعة سيارات السباق ، طبعا كل هذه أاوهام خلقتها الطبيعة الغامضة للرجل الذي كان حسب العارفين بطبيعته يشم رائحة المناسبات والعزائم من عدة كيلومترات وتجده يحضرها ويجلس بعيدا متلفعا فيما كان بعض الصبية العفاريت يحاولون ممازحته واستفزارزه ليغني لهم اغنية جدادة العرضي ، أذكر أن الرجل كان يستفيق من تهويماته ويبدأ ينشد بصوته المشروخ : يا جدادة العرضي قدمينا وصدي رغم عدم تصديقي للخرافات والأشياء الخارقة التي يقول البعض أن أصحابنا الدراويش يقومون بها الا ان مشهد درويش قريتنا اطل في ذاكرتي المجهدة حينما تم الاعلان عن الرجل العنكبوت الفرنسي الان روبرت ولا اقصد هنا طبعا فيلم الرجل العنكبوت المستوحى بكامله من الخيال العلمي والقدرات الخارقة لماكينة السينما وانما المقصود رجل عنكبوت بحق وحقيق يمكنه القفز فوق أي جدار زجاجي وتسلقه بخفة العنكبوت أي والله العنكبوت ، صدقوني حينما عرضت محطة فضائية مختصة ببرامج تلفزيون الواقع حكايات ذلك الرجل العجيب وهو يتسلق العديد من البنايات الزجاجية الملساء في كل من أبو ظبي ونيويورك وماليزيا وبكين بيديه شعرت بالدوار والغثيان لأنني اخاف من المباني العالية وتخيلت نفسي في تلك اللحظة وأنا اتسلق مبنى زجاجي بدون حبال أو ماسكات . ما علينا حتى الآن لم يتمكن العلماء من الكشف عن ماهية الطاقة الخارقة الكامنة في جسد العنكبوت الفرنسي روبرت ، وحتى يتم اكتشاف هذه الطاقة نحن في السودان أحوج ما نكون الى رجل عنكبوت لا يتسلق البنايات الزجاجية بيديه وإنما يقفز بنا من القاع إلى أعلى قمم الحراك التنموي والإستقرار ، أقصد عنكبوت سوداني ينسينا أزماتنا ، ويقطع دابر الحرب اللعينة بيننا ودولة جنوب السودان . وعلاج المشكلات العالقة بالهداوة والعقلانية ، وليس بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة .على فكرة سلفا كير وبطانته من الجنوبيين والمتعاونين معه من أبناء جلدتنا يتعلقون بخيوط العنكبوت . وهل تجدي خيوط العنكبوت ؟