لم أتفاجأ بالأحداث المتسارعة التي بطلها كرم الله عباس الشيخ والي القضارف، الذي «سرح» حكومته أمس الأول احتجاجاً على علم تصديق وزير وزير المالية الإتحادية على المتأخرات من استحقاقات الولاية... فكرم الله الذي التقيته لأول مرة في العام 2000 . بالقضارف تربطه علاقات قوية مع كافة شرائح المجتمع بالولاية، ويعد أحد أبرز المدافعين عن المزارعين، وكثيراً ما يعمل على حمايتهم من الإعسار، إذا ما تدنت أسعار المحاصيل ويوظف انتماءه السياسي للمؤتمر الوطني لصالح ولايته، فضلاً عن تفقده للأسر الفقيرة... هذا الوضع جعله «نجماً» في القضارف... غير أن فلسفته في العمل العام والسياسي القائمة على الصراحة والوضوح... جعلته مصادماً لكل والٍ يتم تعيينه للقضارف... فعندما كان رئيسأ للمجلس التشريعى للولاية خاض «حرباً ضروساً» ضد عبدالرحمن الخضر والي القضارف آنذاك، انتهت بإعفاء الخضر من منصبه، وظل بعد ذلك يتوعد بفتح بلاغات ضده بتهمة ارتكابه «لتجاوزات مالية».. وفى انتخابات الولاة في العام 2010 دخل كرم الله في خلافات عميقة مع قيادات حزبه في المركز، وعارضت قيادات رفيعة ترشح في الإنتخابات لمنصب الوالي.. وقد هدد بالترشح مستقلاً، مما دفع الحزب الى الموافقة- على مضض- ليكون مرشح الحزب.. وقد ذكر في أول لقاء جماهيري في حملته الانتخابية بأنه لن يعتمد على الحزب في تمويل الانتخابات، وسيدفع من ماله للعملية الانتخابية.. وأصدر كرم الله خلال الفترة الماضية العديد من القرارت، وإتخذ مواقف «صادمة» لحزبه قبل المراقبين، حيث رفض تشكيل حكومة ولايته ذات «القاعدة العريضة» بحجة أن ولايته لا تستطيع الصرف على الدستور وقال «إذا أراد المركز تشكيل هذه الحكومة العريضة فعليه توفير التمويل».. وأخلى مقر حكومته وقرر تحويله الى مستشفى واتخذ «قطية» مكتباً له في داره، وتعرض لاختبار سحب الثقة في المجلس التشريعي، لكنه خرج من تلك الجلسة بمكاسب عديدة، جعتله يندفع في مطالباته للمركز بحقوق ولايته.. ونسبت إليه دعوة إقامة علاقات مع اسرائيل، فضلاً عن مطالبته المتكررة للمركز، بدفع استحقاقات الولاية المتأخرة... ليختتم ذلك بحل حكومة الولاية، واتهام وزير المالية بالمحاباة، ليضع نفسه أمام خيارات صعبة.. وهي إما التراجع عن قراراته ومواقفه، أو تقديم استقالته، أو إعلان الطوارىء.. وبالتالي إعفاؤه من منصبه وتعيين والٍ جديد.. إذا المشهد يبدو واضحاً أمام المؤتمر الوطني، فإما أن يعمل على تسوية الخلافات بين كرم الله وقيادات بالحكومة الاتحادية لا ترغب فيه ..أو إعفاؤه بقانون الطوارىء، وفي هذا سيواجه من يأتي بعد مصاعب جمة، لأن كرم الله يعد الوالي الأول الذي رفض تناول «بندول نافع» الذي وزعه على المغبونين، الذين رفض الحزب ترشيحهم لمناصب الولاة.. حيث وافق المؤتمر الوطنى على ترشحه للمنصب خوفاً من فقدان المنصب.