.. كنت أقول وحتى أمس الأول إنني أشفق على أي فنان أو فنانة تضعها الأقدار وجهاً لوجه في حفل مشترك مع الفنانة ندى القلعة، وحديثي هذا ليس مبنياً إطلاقاً على أسس العلاقة الطيبة التي تجمعني بها، ولكنه مبنى على قناعتي بأن ندى (غول) مسرح تأكل من يقف أمامها بأناقتها المفرطة والتي هي من متطلبات النجومية، وبإطلالتها الحلوة التي تعرف كيف تبرزها وتجملها، والأهم من ذلك أن ندى اختطت لنفسها (هوية) غنائية تداعب دواخل كل السودانيين وهي أغنيات الحماسة التي تؤديها بصوت جهور وأداء حماسي ودائماً كنت أقول إن ندى لا ينقصها الذكاء الفني، فهي تعرف متى تغني وماذا تغني إلى أن تفاجأت أمس وبعد طول غياب عن حفل جماهيري أشاهده لها، تفاجأت أمس بندى غير ندى التي أعرفها، وقلعة غير القول الذي تحدثت عنه، والحكاية أنني كنت شهوداً وحضوراً للحفل الذي أقامته فضائية النيل الأزرق مع صالة اسبارك سيتي وهو حفل جماهيري بتذاكر معلومة القيمة تقوم النيل الأزرق بتسجيله ومن ثم بثه في الأيام القادمات، والحفل جمع بين ندى القلعة والفنان عاصم البنا والذي سأرجيء الحديث عنه في النهاية كفاكهة للعمود كما كان فاكهة الحفل. اعتلت ندى المسرح وأعلنت للجمهور المنتظر أنها ستغني عشر أغنيات جديدة (لنج)، خمس لإسحق الحلنقي وخمس لهيثم عباس وعندها قلت إن ندى وقعت في أول خطأ لا يقع فيه فنان هاوي خليك من زول محترف مثلها، إذ لا يفاجيء فنان جمهوره بما يقارب الدستة من الأغنيات يسمعها لأول مرة، والأفضل له أن يقدم أغنية أو اثنتين على الأكثر مع الأغنيات المسموعة حتى تجد طريقها للنجاح والرسوخ، وكانت النتيجة واضحة والصالة في صمت استماع فقط دون تجاوب كالذي نشاهده لحفلات ندى، ولحظتها خفت عليها من الصدمة، لأن وجوم الجمهور هو السكين التي تمزق أحشاء الفنان وتقتله. والملاحظة الثانية أن ندى غنت بعض أشعار الحلنقي من تلك التي تحتشد وتزدحم بالعصافير والأزاهر بذات الطريقة والانفعال الذي تغني به أغنيات الحماس دون أن تمنح الكلمات ما تستحق من آهات وطول نفس وحرارة مشاعر، فلم تصلنِي أنا شخصياً وما أظنها وصلت الجمهور، لأنه لا يعقل ان تغني (للحبيب الظالم) بذات الطريقة التي تغني بها (دقوا الهبك دقوا سمح)، هذه المعطيات مجتمعة جعلتني أدرك تماماً أن ندى تفتقد للناصحين والمستشارين حولها وإلا لما أدخلت نفسها في هذا المأزق وأدخلت النيل الأزرق في أن تسلم الشاعرين حقوق عشر أغنيات كاش داون في سهرة واحدة، تلك السهرة التي كادت تضرب لولا تألق عصام البنا الذي أشعل القاعة طرباً وحماساً وجعل «عصاية» السر قدور تطرب فترقص كما تشاء، وعاصم قرأ الصالة وتفحص وجوه الحضور فمنحهم ما يستحقون من جميل أغنياته المسموعة (وباصة) واحدة جديدة نالت الإستحسان والتصفيق أسماها (ما بنوم) ليدخل عاصم ندى القلعة في أحرج وأصعب امتحان طعن في أناقتها التي كانت تراهن عليها، لعلها تتأكد من حقيقة تفيدها في مقبل الأيام أنها (أي الأناقة) وحدها لا ترجح كفة الميزان ولا تجعل النجومية أبدية، فهل تعي درس اسبارك سيتي. ٭٭ كلمة عزيزة رغم الضائقة المعيشية التي يعيشها المواطن إلا أن الشواهد تؤكد أن الإنسان السوداني معطون ومعجون بالفن والإبداع وأنه يدفع من جيبه خصماً على غذائه ودوائه ليستمتع بمن يحب من النجوم. ٭٭ كلمة أعز .. حتى الآن النيل الأزرق وحدها أعلنت عن خارطتها البرامجية في رمضان.. وغيرها «لابد» اللهم اجعله خيراً!!