مررت يوم أمس بمشهد جعل أطنان من الدهشة تتقافز حولي ومن معي في المواصلات العامة... فأي شخص منا كان بامكانه الزحف «راجلاً» ليجتاز كبري المك نمر.. ذلك بعد أن توقفت حركة السير لفترة طويلة من الزمن... بدأً من مدخل الكوبري في بحري حتى استوب شارع الجامعة... وقد رصدناها أنا وشاب كان يجلس بجواري... فكانت اربعين دقيقة بالتمام والكمال..!! هذه ال «40» دقيقة مضافة للعدد الهائل من السيارات التي تزح زحاً... ساقتنا للتفكير في جانب لم يكن ليخطر ببالنا من قبل... فقد حسبنا الخسائر التي تسببت فيها تلك الدقائق، مخلفة وراءها إهداراً كبيراً للوقت والوقود.. وكان جاري هذا من المختصين في مجال الميكانيكا، على ذلك أكد لي أن السيارة يمكنها أن تصرف حوالى نصف جالون في اربعين دقيقة عندما تكون الماكينة في حالة دوران... فحسبتها في ذهني.. لأجد أن عدد السيارات التي »تزح« - كما أسلفنا - يقدر بخمسمائة سيارة على الأقل.. الوقود المهدر حوالي مائتي وخمسين جالوناً.. حسناً... ليس مهماً كم من الجالونات نصرفها... ولكن المهم هو ماذا انجزنا جراء صرف هذه الجالونات؟... لا شئ سوى انتظار انفراجة في حركة سير المركبات.. والتي لن تمكنك من الحركة اكثر من بضع سنتمترات..! نعود مرة أخرى لنجد أن الضرورات يجب أن تقدم على الكماليات... فالعمارات الشواهق من الكماليات.. والمتنزهات كماليات... وكذلك الصالات وحتى الأسواق تكون ليست ذات جدوى إن لم يكن الطريق إليها ممهد وسالك.. ولكن الضرورة التي تفرض نفسها الآن... هي الكباري الطائرة.. كما قلنا من قبل... وكما نقول الآن.. وغداً... وفي أي وقت.. لأنها هي الحل الحقيقي لأزمات السير المتكررة... مهما كانت مكلفة.. وباهظة... «فالغالي بي غلاتو...».