أحيا الشعب التشيكي الإسبوع الماضي الذكرى السنوية ال 70 لإغتيال راينهارد هايدريتش، أحد كبار مسؤولي الرايخ الثالث الألماني، والحاكم الألماني لتشيكوسلوفاكيا أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان هايدريتش، الملقب ب هايدريتش الجزار، أكبر مسؤول أمني في ألمانيا النازية، ومهندس ما يعرف بالحل النهائي للمشكلة اليهودية (أو المحرقة اليهودية - الهولوكوست)، قد أُغتيل من قبل ثلاثة من عناصر المقاومة التشيكية في عملية خطط لها في بريطانيا أطلق عليها عملية شبيه الإنسان (Anthropoid). هتلر إستشاط هتلر غضباً عند سماعه بنبأ إغتياله، وأمر بإطلاق حملة واسعة للبحث عن الفاعلين، كما إنتقم لإغتياله من تشيكوسلوفاكيا إنتقاماً رهيباً. عُرف هايدريتش بوحشيته وقسوته، حتى بالمعايير النازية. وقد رويت قصة عملية شبيه الإنسان، التي خططت لها قيادة العمليات الخاصة البريطانية، مرات لا تحصى في مقالات وكتب وأفلام سينمائية. وتتلخص قصة إغتياله التى أطلق عليها عملية شبيه الإنسان أن ثلاثة من عناصر المقاومة التشيكية قد هبطوا بالمظلات قادمين من بريطانيا ونفذوا واحدة من أخطر وأشجع المهمات في الحرب العالمية الثانية حيث أطلقوا النار في وضح النهار على هايدريتش أثناء توجهه بسيارته المرسيدس المكشوفة إلى برلين للإجتماع بهتلر. وقفز أحد عناصر المقاومة أمامها وهو يحمل رشاشاً وضغط على الزناد، ولكن الرشاش أُصيب بعطل ولم يطلق النار. وعندها أمر هايدريتش سائقه بالتوقف وسحب مسدسه محاولاً قتل عنصر المقاومة، ولكنه كان أسرع منه، حيث ألقى قنبلة يدوية كان يحملها صوب السيارة وإنفجرت قربها قبل أن يهرب. ولكن هايدريتش، رغم إصابته، طارد مهاجميه لبضعة أمتار قبل أن يعود إلى السيارة ويسقط مغشياً عليه. وبدا لأول وهلة أن عملية الإغتيال قد فشلت، ولكن هايدريتش توفي في مستشفى بولوفكا ببراغ بعد ثمانية أيام بتسمم الدم الناتج عن شضايا القنبلة. وبعد عملية الإغتيال، تمكن الثلاثة من الفرار والإختفاء لثلاثة أسابيع قبل أن يُكشف أمرهم للسلطات الألمانية، وتمت محاصرتهم فى مخبأهم في قبو كنيسة كارل بورومايوس ببراغ، ولكنهم إنتحروا، أما الكاهن الذي خبأهم في كنيسته فقد أعتقل وعذب ثم أعدم. وقال أحد عناصر المقاومة أنه لو لم يقتل هايدريتش لكانت نصف الأمة التشيكية قد أُفنيت، فهايدريتش كان يعد مصيراً أسود للتشيك. ووضع الخطط اللازمة فى مؤتمر فانسي الشهير لإعتقال وتصفية 11 مليوناً من يهود أوروبا، وبعد ذلك سيأتى الدور على الشعوب السلافية بعد الإنتهاء من اليهود. واليوم، وعلى مسافة بضعة مئات من الأمتار من الكنيسة، أُقيم في ساحة تشارلز في العاصمة التشيكية نموذج لمعسكر إعتقال الماني إحياءاً للذكرى السنوية ال 70 لإغتيال هايدريتش. وقال أحد المنظمين للإحتفال أن الثمن كان باهظاً جداً، فقد تم إعتقال أُسر الرجال الثلاثة وإعدام أفرادها جميعاً، كما أزال النازيون قريتي ليديتسه وليتساكي من الوجود وقتلوا كل سكانهما من رجال ونساء وبعض الأطفال، أما الأطفال الذين تشبه خواصهم الجسدية الألمان فقد أُخذوا إلى المانيا وعرضوا للتبني وربوا على أنهم المان. وقد أقيمت حينها مظاهرات حاشدة في براغ للتعبير عن الولاء للرايخ الثالث كان الدافع للمشاركة فيها الخوف أكثر من الحزن على موت هايدريتش. وكان هتلر يحب مساعده هايدريتش وأجرى له جنازتين رسميتين، واحدة في براغ والأخرى في برلين، ولكنه كان غاضباً أيضاً على ما وصفه بغباء هايدريتش الذي كان يرفض أن يصحبه حرس خاص أو أن تجهز سيارته بزجاج مقاوم للرصاص. وقد دفعت إحدى الأسرة ثمناً باهظاً أيضاً لإيوائها لأحد رجال المقاومة، فبعد عام واحد على مقتل هايدريتش، إقتحم الجستابو منزلها وأعتقل كل من كان داخله.