كنت أخدع نفسي الى ما قبل أيام قليلة بأنني ملم ب(الحالة الشيوعية) وانني قريب من (الملف الأحمر) المدموغ دائما بعبارة (سري للغاية) وذلك بحكم علاقتي القوية بالكثيرين من الرفاق حتى أن بعضهم طلب الي أن أكون ضمن قائمتهم في آخر انتخابات لاتحاد الصحفيين السودانيين لكنني اعتذرت اذ كنت ضمن القائمة الأخرى التي اكتسحت الانتخابات وحققت الفوز . المامي- المزعوم- بالحالة الشيوعية جعل من صفحات (آخر لحظة) في أحيان كثيرة قاعدة لنشر أخبار وأفكار وأسرار الحزب الشيوعي السوداني وعندما كنا ننشر خفايا اجتماعات مؤتمر المديرية الأخير فاجأ هذا الأمر نافذين وميؤثرين داخل الحزب الذي ظل منذ تأسيسه يضرب سياجا من السرية على نشاطه وحركة عضويته حتى أن بعض الأصدقاء والزملاء سألني عن مصدر معلوماتي ولم أكشف بالطبع مصادري واشتط البعض بعد أن أعيته الحيل في معرفة الجهة التي سربت تلك المعلومات ليتهم الصحيفة بأن تستمد معلوماتها من جهاز الأمن والجهاز برئ من تلك التهمة وقد قلت لم نحمل الي ذلك التحليل المتحامل ان أجهزة الأمن تعمل وفق قوانين تاسيسها على جمع المعلومات ثم تحليلها وتذييلها بالمقترحات للتعامل وفقها وتقوم برفع كل ذلك الجهد الى الجهات العليا التي تطلع عليه وترفع توصياتها الى جهات اتخاذ القرار السياسي اي أن أجهزة الأمن لاتتعامل وفق قاعدة (ردة الفعل) السريعة.. وأسرار الاجتماعات كنا ننشرها يوميا لأن مصادرنا كانت من داخلها وهي مصادر لن نفصح عنها حتى لا نفقد ثقتها فينا. المامنا - المزعوم بالحراك داخل الحزب الشيوعي عقب وفاة سكرتيره العام الراحل الأستاذ محمد ابراهيم نقد - رحمه الله- جعلنا نضع ذلك الحراك أمام أعيننا ونتابع ملامح صراع كان يتولد في مخيلة كثيرين بين جيلين وتيارين مختلفين رغم اعتناق منسوبيهما للفكر الماركسي والعقيدة الشيوعية وراج بين المراقبين أن الصراع لا محالة واقع بين التيارين المتصارعين والذين يمثل احدهما الأستاذ يوسف حسين بينما يمثل الثاني الدكتور الشفيع خضر مع حراك مكتوم لمجموعة ثالثة يقودها الأستاذ سليمان حامد. الشيوعيون اختاروا الأستاذ محمد مختار الخطيب سكرتيرا سياسيا للحزب وهو يشدد على أن الصفة ليست سكرتيرا عاما بل هي سكرتير سياسي يعتبر جزءا من اللجنة المركزية لأن القيادة جماعية و(تشاورية) ولم يقل (شورية). اختيار ا لشيوعيين للأستاذ الخطيب كان مفاجأة للجميع حتى أن المعارضة قالت ذلك صراحة أما نحن الذين ندعي معرفتنا بالحراك الشيوعي فقد كانت مفاجأتنا أكبر وأثبت الحزب الشيوعي السوداني أنه ما زال يحافظ حتى الآن على سرية خطواته التي لايريد الاعلان عنها. الآن يأتي الخطيب سكرتيرا سياسيا للحزب بعد رحيل الأستاذ نقد رحمه الله لكن ظروف اختيار الرجلين تختلف تماما فقد جاء نقد في ظل تضييق وحرب معلنة وسرية على الحزب الشيوعي وظل نقد مختفيا لسنوات الأمر الذي أثر كثيرا على نشاط الحزب وتجنب الكوادر الشابة لرفد الحزب بدماء جديدة وعندما قرر الشيوعي مفاجأة الحكومة بظهور الأستاذ نقد من داخل ندوة في الميدان الشرقي لجامعة الخرطوم فاجأت الحكومة وجهاز أمنها الشيوعيين وغيرهم بزيارة لسكرتير الحزب الشيوعي في مخبئه بالخرطوم. اختيار الأستاذ الخطيب لن يقف عند هذا الحد والصراعات قد تبدو مؤجلة والانشقاقات غير مستبعدة خاصة بعد انسحاب الدكتور الشفيع خضر من قائمة المرشحين ليفوز الخطيب على يوسف حسين بفارق عشرة أصوات. الآن ينتظر الشيوعيون وغيرهم انعقاد المؤتمر العام السادس للحزب الشيوعي والذي ربما يفرز قيادات جديدة .. ربما ..