يشتد الترقب وسط قواعد الحزب الشيوعي ولجنته المركزية تتهيأ لعقد اجتماع حاسم يلفت انتباه كل التيارات السياسية بالنظر الى أهميته البالغة من حيث الأجندة على رأسها اختيار سكرتير عام جديد لخلافة الزعيم الروحي للحزب محمد إبراهيم نقد الذي رحل في الثاني والعشرين من مارس الماضي وترك فراغاً تنظيمياً ظل يعيشه الحزب منذ ذاك الوقت، إلا أن ظروفاً عدة حالت دون أن ينعقد الاجتماع نهاية مايو الجاري وفقاً للموعد المضروب سابقا، ويقول المتحدث باسم الحزب يوسف حسين ل(الأحداث) إن اجتماع اللجنة المركزية الذي كان مزمعاً عقده نهاية الشهر الجاري اقره المكتب السياسي للحزب منذ ابريل الماضي واتفقت قيادة الحزب على أن يكون الاجتماع العادي للجنة المركزية بعد (6) أسابيع منذ ذلك الحين، غير أن ظروفاً عدة ساهمت في ألا ينعقد في الموعد المحدد مسبقاً وحدد يوسف بداية يونيو المقبل موعداً جديداً لانعقاد مركزية الشيوعي والتي من المتوقع أن تناقش بعض الأعمال الداخلية والعادية التي تهم الحزب وسيفتح اجتماع اللجنة المركزية باب الترشيحات لاختيار خليفة نقد بعد أكثر من (90) يوماً قضاها الحزب دون سكرتير عام وستكون المؤسسية والانضباط الثوري هي الفاصل في اختيار من سيتولى تلك المهمة بحسب ما ذهب إليه المتحدث باسم الحزب، وتابع أن الحزب سينظر في هذا الأمر ببراح وفق آليات المؤسسية في الحزب، مشيراً إلى أن إرادة المؤسسية هي من ستنفذ، وقطع يوسف أن اللجنة وما إن تتوصل لاختيار من ينوب عن سكرتير الحزب الراحل سيعلن على الملأ. غير أن أصواتاً أخرى ترى أن الحسم سيكون على عكس ما ذهب اليه الناطق، تلك الاصوات تستند في رؤيتها على ما ملكته مصادر موثوقة بالحزب ل(الأحداث) كشفت عن اندلاع صراع وصفته بالكبير بعد أن تمسكت مجموعات شبابية وأخرى أبعدت خطاها عن الحزب وأصبحت على الرصيف عقب انعقاد مؤتمره الخامس احتجاجاً على عودة ما أسموه الحرس القديم لذات المواقع دون تجديد ملموس للدماء الشابة بلجنة الشيوعي المركزية، وطالبت تلك المجموعات بضرورة انعقاد اجتماع طارئ للجنة وانتخاب الشفيع خضر خليفةً لنقد، خاصة بعد أن رشحت معلومات غير رسمية ونقلتها بعض وسائل الإعلام حينها موردة أن من أبرز المرشحين للخلافة القياديين بالحزب سليمان حامد وسيد أحمد مختار الخطيب، بينما رشح وسط أضابير الحزب القيادي علي الكنين، وكشفت المصادر عن تيار واسع مؤيد لقيادة الشفيع خضر لزعامة الحزب، لافتة لحدوث خلافات شديدة بين مجموعتين بالشيوعي إحداهما تعتبر ما أسمته (الحرس القديم) معيقاً أمام خطوة تسنم خضر زمام السكرتارية العامة للشيوعي خلفاً للراحل نقد، ففي الوقت ذاته وفي تصريح سابق ل(الأحداث) دفع القيادي بالحزب وعضو اللجنة المركزية صديق يوسف برؤية مختلفة قال إنها تمثله هو فقط دونما سواه في الحزب الشيوعي والتي أبلغ بها اللجنة المركزية والتي ركزت على أن تستمر اللجنة الحالية التي انتخبها المؤتمر العام الخامس في إدارة شؤون الحزب لحين انعقاد المؤتمر السادس المزمع انعقاده العام المقبل لانتخاب سكرتير عام جديد. مصدر نافذ داخل الحزب قال ل(الأحداث) إن التكتلات واللوبيات داخل الحزب ستعلب دوراً كبيراً في اختيار السكرتير الجديد وستستخدم في سبيل تمرير من تراها كل الوسائل التي قد تكون أحياناً مشروعة وفي أخرى كثيرة غير ذلك، ولم يستبعد المصدر أن يحدث ما حدث خلال المؤتمر الخامس من منافسة شرسة بين سليمان حامد والشفيع خضر والتي ستنحصر هذه المرة أيضاً بين ذات الشخصين، غير أن تأكيداته أفضت الى أن المسألة قد لا تبلغ مرحلة الصراع بالمعنى المفهوم أو التقليدي ولكن يعدان من أقوى المرشحين في ذات الوقت ليس وحدهما فهنالك يوسف حسين، صديق يوسف، وأمَّن المصدر على أن مهمة السكرتير الجديد صعبة إن لم تكن أكثر من صعبة فقال: (مهمته أكثر من صعبة، وأن القيادة القديمة لم تعد قادرة على تحريك الحزب الأمر الذي أدى إلى حزب هامشي بعد أن كان فاعلاً). وألمح إلى أن تاريخ الحزب النضالي سيعقد مهمة السكرتير أكثر لجهة أن الحزب كان في السابق من أكثر الأحزاب فاعلية لدرجة أن بعض المراحل لم يعد الحزب يهتم اهتماماً بالالتزام الآيدولوجي، وركز فقط على التزام جانب المصادمة والحراك مع قضايا الشارع الأمر الذي يفسر تكتل جميع الأحزاب ضد أطروحاته في مرحلة من المراحل، أما اليوم وفق ما ذهب اليه اليوم فلم يعد للحزب أطروحات نظرية واضحة وقوية ولم يعد فاعلاً بل هامشياً جداً على حد تعبيره. ويبدو أن تجنب الصراع في اختيار السكرتير الجديد للحزب الشيوعي بين الحرس القديم والتجديديين لا فكاك منه بجانب عدم إمكانية تجاهل أزمة الديناصورات التي عاشتها الأحزاب الشيوعية في كثير من مناطق العالم، عندما يتشبث الكهول بالمقاعد، إلا أن المصدر كان له رأي آخر مستبعداً وجودهم كأزمة نهائياً وقال: (لن نشاهد صراع ديناصورات في الحزب كما حدث في مناطق أخرى، والقيادات التاريخية الموجودة حالياً أعضاء أوفياء فقط لا مطامع لهم في مناصب، كما إن القيادات الحديثة عاجزة عن تقديم جديد مقنع لتنحيهم). ورغم كل تلك الرؤى السالبة والموجبة فإن الايام القليلة المقبلة - ولحين انعقاد اللجنة المركزية وتحديدها لمن سيقود «الشيوعي» خلال الفترة المقبلة التي ربما ستشهد صراعاً على منصب السكرتير العام.. المصدر أيضاً يقلل من فرص حدوث ذلك ويقول: (الآيديولوجيا والنظرية الماركسية اللينينية تكافح مثل هذه الصراعات وتحارب اللوبيات، والأهم من ذلك ما هي المكاسب التي سيتصارع عليها الناس وخاصة في أزمات الحزب الحالية، لا توجد غنائم ولا أعتقد هنالك مبررات صراع).